حين يقف بك الزمان عند نقطة تشعر فيها أنك لا تشعر، وكأنك غثاء سيل قد جرف إلي ركن قصي.
لا يراك أحد، تقبع في قاع نفسك الذاهلة، غارق بلا شطآن قد انحسرت عنك أشعة الشمس، وانكسر الضوء بمحاذاتك، تطل برأسك المترنحة، وترفع أنامل هزيلة؛ لتشير إلى بقعة ضوء علها تعود لتغمرك أو شعاع شمس، يخترق صقيعك.
تتحسس جدرانك، بأيدي مرتعشة تستند على حوائطها اللزجة فتسقط ثم تقوم؛ لتسقط، صوت مبحوح، تصرخ، فتقع الصرخة في جب روحك العميق. ترتطم بأرضه الخواء
لا نجاة إذن، جب العدم سحيق والفضاء الممتد بعيد، لا ترى منه إلا لفحة هواء ساخنه تعبرك؛ لتتأكد أنك ما زلت تتنفس ونجوم ذابلة في سمائك، تستجدي الحياة.
.فأين الطريق إليها؟ وأين ذياك الجناح الذي كان يطفق؟ فيرفعك ؛لتعانقه.
هل احترق؟ لم يعد منه إلا أثر موشوم على ظهر روحك، تتحسسه وترويه بدموعك.
فينطق حالك بما فيك، تتتعتع الحروف وتوأد الكلمات ولا تسمع إلا صوتك القائل:
ويح قلبي، ما عاد في القلبمتسع.
وما عاد للروح قدرة على التحليق .
ثم ماذا بعد؟!
عندما يجهلك المكان ويطويك الزمان.
يمر الأشخاص صورا باهتة، يصير بعضا منك لهم أديما من لحم نازف، بقعة منك تلتصق بهم، تستصرخهم، تستنجد بجوارحهم التي عدموها، بعيون لاتبصر وآذان لا تسمع وقلب لا يشعر
عندما تناجي فيهم أياما قد أنفقتها عليهم
تعزف علي قيثارة ألمك، لحنا صاخبا، لا يسمعه سواك فرغم أنهم قد اعتادوه ولكن الآن ما عرفوك ولا عرفوه