لقد نمنا في عالم ، واستيقظنا في عالم آخر مختلف تماما...
فجأة خرجت ديزني لاند عن السحر ؛
باريس لم تعد رومانسية.
أوروبا لم تعد أرض الأحلام..
أمريكا لم تعد حلم المهاجرين
نيويورك لم تعد مثيرة.. ولا كاليفورنيا..
لم يعد الجدار الصيني حصناً منيعًا..
ومكة أصبحت فارغة.
اختفت الطائرات من السماء، والسفن واليخوت الفخمة من أعلي البحار.. ودخل سياسيون وفنانون ومشاهير الغناء والرقص والرياضة في سجن الحجر الصحي.. وبعضهم قضي عليه الفيروس..
فجأة أصبح العناق والقبلات أسلحة نخاف منها .. وصار السلام والتصافح بالإيدي خطرًا قاتلًا.. وعدم زيارة الآباء والأصدقاء صار دليل حب!!
فجأة أدركنا أن لا قيمة فعلية للقوة ولا للمال ولا النفوذ ولا الحفلات ولا الزواج والطلاق ولا التجارة.. لا قيمة للسيارة الفخمة ولا التباهي بالراتب الكبير ولا التليفون المزخرف ولا السفر والسياحة... لا قيمة للقوة ولا السلاح ولا الصواريخ النووية ولا الطائرات والمقاتلات والسفن وحاملات الطائرات.. وأصبح أكبر همنا هو أن نحصل على الأوكسجين !!!.
كل مخلوقات الأرض في البر والبحر وفي الأدغال وفي قيعان البحار والمحيطات وكل الحيوانات تواصل حياتها بشكل طبيعي ما عدا البشر... أصبح العالم في الخارج من دوننا نحن البشر أجمل وأنقى وأكثر أمنا وأماناً واستقرارًا.. صار العالم أكثر هدوءاً ونقاءً وصفاءً وحُباً وعشقاً وغراماً وابتسامةً من دوننا نحن البشر.. .
وحكم مخلوق لا نراه بالعين المجردة علينا نحن البشر بوضعنا في أقفاص!!
أعتقد أنها رسالة من السماء تقول للإنسان :
قانون الخالق سبحانه وتعالى يقول أن البقاء للأصلح.. ألم تقرأ يا بني آدم قول الحق تبارك وتعالى:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}
الأنبياء (105)
ألم تقرأ يا بني آدم قول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
البقرة (30)
فيروس كورونا يصفعنا على وجوهنا ويقول لنا : البقاء للأصلح وليس للأقوى.. فاترك أيها الإنسان عنجهيتك وصلفك وغرورك وجبروتك جانباً، وتوقف عن القتل وسفك الدماء.. توقف عن السرقة وعن ممارسة الكذب والنصب والاحتيال والفساد...
كأن صوتًا من السماء يقول لنا: قِف عند حدك؛ لأن الهواء والأرض والماء والسماء بدونك بخير.. بدونك أفضل بكثير من وجودك.. فحتى التلوث اختفى باختفائك أيها المخلوق الضعيف الهش..
وعندما تعود أيها الإنسان تذكر جيدا ولا تنسى أبداً أنك ضيف ثقيل على هذه الحياة.. لستم أيها البشر سادة الأرض أنتم مجرد ضيوف ، ومازال الظلم و الجبروت والقهر والاضطهاد مستمرا بين الناس بعضها البعض ، لا بل وأقربهم لبعض ، ومازلنا في انتظار عقاب ربنا العادل في كل مفتري وظالم وجائر ، ولينتظروا لأي منقلبٍ سوف ينقلبون .