توجّه إلى مدونة (جدار بيانات المدونات) مرتبة هجائيًا — الرقم يعبر عن الترتيب حسب نقاط الأداء

آخر الموثقات

  • اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ
  • ق.ق.ج/ زيف
  • قصة قصيرة/ إهابُ المطر
  • لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك
  • الواجب علينا كثير
كاتب الأسبوع

✍️ كاتب الأسبوع

الكاتب المبدع فاطمة البسريني 📖 حيثيات اختيار كاتب الأسبوع
🔄 يُحدّث كل جمعة وفق تقييم الأداء العام للمدونات

📚 خدمة النشر الورقي من مركز التدوين والتوثيق
حوّل أعمالك الرقمية إلى كتاب ورقي يحمل اسمك ورقم إيداع رسمي ✨
اكتشف التفاصيل الكاملة
لم يتم اختيار مدونة
⭐ 0 / 5

كانت الحارة القديمة تستيقظ ببطء، كعجوزٍ يفتح عينيه على ذاكرةٍ أنهكها الزمن. يخرج الضوء خجولًا من بين الشقوق، يلامس الحجارة الرطبة والجدران المتعبة، حتى يبلغ نهاية الزقاق، حيث يقف شيخٌ نحيل، مهيب الحضور، كأنه ظلٌّ نُقِش على صفحة الفجر منذ أزمانٍ بعيدة.

متجهًا نحو المسجد القديم. كانت خطواته متزنة هادئة، كأنما تقيس الأرض بميزان من نور، لا عجلة فيها ولا بطء، بل إيقاعٌ ثابتٌ يعرفه كل من رآه، كدقات قلب الحارة نفسها. لكن العين لم تكن لتلحظ خطواته قبل أن تلتقط، باندهاش لا يخلو أحيانًا من ابتسامة، لون حذائه.

 

لم يكن حذاءً عادياً. كان لونه وردياً صارخاً، كلون زهر الخوخ في ربيعها الأول، لونٌ يناقض جلال شيخوخة صاحبه ووقار ملابسه البيضاء. كان ذلك الحذاء الوردي يشق طريقه بين أحذية الرجال البالية والملونة بالأتربة، كفراشة نادرة تهبط على أرض قاحلة.

 

لم يكن أحدٌ يسأل، لكن الأسئلة كانت تُرسم في العيون. أتراه يلبسه سهواً؟ أم أن ضعف البصر قد بدأ يخونه؟ أم هي، ربما، غرابة أطوار الشيخوخة التي تطل برأسها بين الحين والآخر؟ ظلَّ هذا التساؤل سراً من أسرار الصباح، حتى ذلك اليوم الذي قرر فيه أحد الشبان طيب القلب الممتلئ بالمرح، أن يفضح ذلك السر بلطافة.

 

كان الصباح ضبابياً، والهواء ينقل عبق التراب المبلول. توقف الشاب في طريق الشيخ، وابتسم ابتسامة عريضة تشرق بها محياه.

 

"السلام عليكم يا عمنا، وصباح الخير بحذائك الجميل!" بدأ مازحاً.

 

رد الشيخ التحية بابتسامة هادئة كبحيرة في ليلة ساكنة، وعيناه تنظران بعمق إلى الشاب.

 

"ألا تخبرنا سر هذا اللون المبهج؟" تابع الشاب، "لعلك استيقظت قبل أن تستيقظ عيناك، فانتعلت حذاء بناتك بالخطأ؟!"

 

لم يغضب الشيخ، بل ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة كأنها ذكرى مؤلمة، ثم أدار بصرَه إلى حذائه الوردي، ونظر إليه طويلاً، كأنما يرى عبره عالماً آخر. ثم رفع رأسه ببطء، ونظر إلى الشاب، وفي عينيه بريق ماء متألق تحت ضوء القمر.

 

"لا يا بني.. هذه ليست نعال بناتي.." قال صوته خافتاً كحفيف أوراق الخريف. "هذه نعلي زوجتي.. رحمها الله."

 

تبدّد المزاح في وجه الشابّ، وعمّ المكان سكونٌ مهيب، كأنّ الحارة نفسها أنصتت.

 

أشار الشيخ إلى مقعد حجري قديم تحت شجرة زيتون عتيقة، كأنه يريد أن يجلس، فجلس الشابّ إلى جانبه، منتظراً.

 

أخذ الشيخ النعل من رجله برقة بالغة، كأنه يمسك بيد رضيع، ووضع النعل على ركبته برفقٍ كمن يحمل ذكرى حيّة

 

بدأ الشيخ، يفتح باباً من الذكريات. "توفيت قبل خمس سنوات.. كانت تحب هذا اللون.. قالت لي يوماً: ، لماذا دائماً الألوان القاتمة للرجال؟ الحياة تحتاج إلى بصيص نور. اشتريت لها هذه النعال في عيد ميلادها، ففرحت بها كطفلةٍ بثوبها الأول.

 

توقف قليلاً، وكأنه يستعيد صورة كانت جميلة لدرجة تؤلم.

 

"كانت مريضةً في سنواتها الأخيرة، ولم تعد تقوى على المشي إلى المسجد.. كانت تسمع الأذان من نافذتنا، وتقول لي: كم أتمنى أن أخطو معك إلى بيت الله خطوة واحدة. فكنت أحملها أحياناً وأطوف بها في ساحة الدار، فتضحك وتقول: 'هذه خطواتنا إلى المسجد'."

 

امتلأت عينا الشيخ بالدموع، لكنه لم يمسحها، كأنه يريد لها أن تروي جفاف قلبه.

 

هنا غلبت الدموع صوته، لكنه لم يمسحها.

قال بعد لحظةٍ طويلة من الصمت:

"قبل رحيلها بأيام، أخرجت هذه النعال وقالت لي:

خذها يا حبيبي... فإذا متُّ قبلك، فانتعلها وامشِ بها إلى المسجد.

لعلّ الله يكتب لي أجر خطواتك."

 

سكت الشيخ، والصمت حولهما أصبح له صوت، صوت ذكريات تتهامس في زوايا الحارة.

 

"فأنا كل صباح.. حين أنتعل هذه النعال.. لا أشعر أني أمشي وحدي.. أشعر أن روحها تمشي معي.. أن خطواتي هي خطواتها.. أن سجودي هو سجودها.. أضع قدمي في المكان الذي كانت ستضعه هي.. ألمس الأرض بباطن نعليها.. وكأني أقدم لها هدية متواضعة.. أجراً من أجر المساجد.. كانت تتوق إليه."

 

نظر الشيخ إلى الشاب، وفي عينيه كل حكمة الدنيا.

 

"تعلم يا بني.. الحب الحقيقي لا يموت.. إنه يتحول فقط.. من لمسة اليد إلى ذكرى.. ومن قبلة على الجبين إلى دعاء في السجود.. هذه النعال الوردية.. هي الآن جسر بيني وبينها.. بين الأرض والسماء.. بين الدنيا والآخرة."

لم يتكلّم الشاب. مدّ يده وقبّل يد الشيخ بصمتٍ مهيب، فيما كان الفجر يكتمل حولهما. كان الضوء يغمر الحارة القديمة كأنّه يبارك تلك الخطوات التي تمشي بنعلٍ ورديّ، تُكمل صلاةً بدأها قلبان، أحدهما في الأرض... والآخر في السماء.

أحدث الموثقات تأليفا

اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30113

عدد المشاهدات: 4

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الواجب علينا كثير

مدونة اشرف الكرم

الكاتب: م. اشرف عبد الصبور الكرم

رقم التوثيق: 30109

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الذي يضعُ الوسادةَ للعابر

مدونة سحر حسب الله

الكاتب: سحر حسب الله عبد الجبوري

رقم التوثيق: 30106

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 2-12-2025


همس الضوء

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30105

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 2-12-2025


تاميكوم… منصة تتنفس الإبداع والشفافية

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30104

عدد المشاهدات: 12

تاريخ التأليف: 1-12-2025


ريفيو لرواية فانتازيا للكاتبة رحاب منصور

مدونة هند حمدي

الكاتب: هند حمدي عبد الكريم السيد

رقم التوثيق: 30103

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 1-12-2025


لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك

مدونة يوستينا الفي

الكاتب: يوستينا الفي قلادة برسوم

رقم التوثيق: 30110

عدد المشاهدات: 3

تاريخ التأليف: 1-12-2025


يعشقن الورود

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30107

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 1-12-2025


كتب التراث بين التلخيص والاختصار 

مدونة خليل السيد

الكاتب: د.خليل السيد خليل محمد

رقم التوثيق: 30094

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 1-12-2025


سرب الصمود: قافلة تشق عباب الطوق

مدونة محمد خوجة

الكاتب: محمد بن الحسين بن ادريس خوجه

رقم التوثيق: 30093

عدد المشاهدات: 10

تاريخ التأليف: 1-12-2025

أكثر الموثقات قراءة
إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة غازي جابر
2↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
3↑1الكاتبمدونة حسين درمشاكي
4↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
5↓الكاتبمدونة ايمن موسي
6↑2الكاتبمدونة محمد شحاتة
7↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
8↑1الكاتبمدونة هند حمدي
9↓-3الكاتبمدونة آمال صالح
10↓الكاتبمدونة خالد العامري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑37الكاتبمدونة اسماء خوجة173
2↑36الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 149
3↑35الكاتبمدونة اسراء كمال233
4↑20الكاتبمدونة حسين العلي93
5↑19الكاتبمدونة محمد خوجة67
6↑19الكاتبمدونة سلوى محمود167
7↑18الكاتبمدونة جلال الخطيب131
8↑12الكاتبمدونة منى كمال206
9↑8الكاتبمدونة محمد كافي88
10↑6الكاتبمدونة سحر أبو العلا39
11↑6الكاتبمدونة نجلاء لطفي 52
12↑6الكاتبمدونة جاد كريم197
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1124
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب710
4الكاتبمدونة ياسر سلمي681
5الكاتبمدونة اشرف الكرم621
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري515
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني439
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين434
10الكاتبمدونة شادي الربابعة415

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب367219
2الكاتبمدونة نهلة حمودة225078
3الكاتبمدونة ياسر سلمي203677
4الكاتبمدونة زينب حمدي179613
5الكاتبمدونة اشرف الكرم148010
6الكاتبمدونة مني امين121111
7الكاتبمدونة سمير حماد 119656
8الكاتبمدونة حنان صلاح الدين111031
9الكاتبمدونة فيروز القطلبي110100
10الكاتبمدونة آيه الغمري106132

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة اسماء خوجة2025-11-08
2الكاتبمدونة مريم الدالي2025-11-05
3الكاتبمدونة محمد خوجة2025-11-04
4الكاتبمدونة جيهان عوض 2025-11-04
5الكاتبمدونة محمد مصطفى2025-11-04
6الكاتبمدونة حسين العلي2025-11-03
7الكاتبمدونة داليا نور2025-11-03
8الكاتبمدونة اسراء كمال2025-11-03
9الكاتبمدونة علاء سرحان2025-11-02
10الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 2025-11-02

المتواجدون حالياً

16959 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع