سالتْ جراحُك يـــــا قلبي فما احتجبا
والحـــــــزنُ في أضلُعي يعلـو ويلتهبا
كم أيقظَ الحـــزنُ في روحي مواجعَهُ
حتى غـــــدوتُ لـــــــهُ عبدًا ومُنتسبـا
يا ليلُ، كــــــم أرهقتَ روحي بما جلبا
وزدتَ جــــــرحيَ في قلبي بمـــا كَتبا
أمسيتُ أستودع الآهــــاتِ في شَفَتي
كي لا يـــــــــراهُ الذي للجرح قد سبَبا
كــــــم مـــــرَّ طيفُكَ في عيني مُؤرِّقَةً
حتى غـــــدوتُ أرى أحلامَنـــــــا كُذُبا
أبكي على زمـــــــنٍ أمسى بــــــــلا أثرٍ
إلا دموعيَ تجــــــــري فوقَهُ سُحُبـــــا
فقدتُ فيــــهِ رفيقَ الــــروحِ فانطفأتْ
أنفاسُ صبـــري وكان الصبرُ لي عَصَبا
كأنَّ أيــــــاميَ الســـــوداءَ قد حَشَدَتْ
كلَّ البــــــــلاءِ وكنتُ السيفَ واللَّهَبــــا
أمشي على طـــــرقٍ قد هالَني صَخَبٌ
فيها، وأبحــــــثُ عن أنقـاضِ من ذَهبا
قد كنتُ أحـــــسبُ أنَّ الحزنَ لي وطنٌ
لكنْ رأيتُ بــــــهِ المنفى إذا اقتـــــــربا
يا قلبُ ويحَـــــــكَ كم أخلفتَ موعدَنا
حتى غـــــدوتَ كظلٍّ ضـــاعَ وانسحبا
أهفو لِبـــــــــابِكَ يــــــــا ماضِيَّ أطرُقُهُ
لكنني كلمــــــــا جئتُ الكــــــــرى هربا
كـــم في الليالي التي عانقتُ ظلمتَهــا
من نجمِ صمتٍ غفا فوق الدجى نَصَبا
إنّي بَصُـــــــرتُ بـــأحلامي وقد نَفَقتْ
والأمنيـــــــاتُ كسيــــــرٌ لا يُــرى طَبَبا
مـــا ظلَّ في الركبِ إلّا اليأسُ منتصبًا
يستعذبُ الصمتَ إن صِحنــا وإن نَدَبا
قد كـــــانَ في غَفلةِ الأيّـــامِ يُدهِشُني
أنّي أُفتّــــشُ عــــن طَيفٍ مضى وهَبا
أبني على الحزنِ بيتَ الشعـرِ مُرتجفًا
ولا يصدُّ إذا مــــــا الريحُ قـــــــد هبّا
أغفـــــو على جُرحِ ماضٍ ليس يبرؤهُ
طبُّ السنينِ ولا حُــــــبٌّ إذا انسكبــا
أمشي إلى الغدِ، والأمسُ الذي قتلَتْ
فيهِ الليــــــالي رؤى عشّاقِهــــا انقلبا
كم هــــزَّني الصمتُ في ليلٍ تُقاصرُهُ
خطواتُ قلبي فأغــدو فيه مُضطربا
يا أيّها الحـــزنُ كم أوصيتَ مُهجَتَنا
ألا تُصدّقَ أنّ الدهــــــرَ قد طَــــــربا
يا أيهـــا الليلُ كم ألقيتَ من غصصٍ
في كأسِنـــــا ثمَّ لـــــم تُبقِ لنــا سَبَبا
أدنيتَ جرحًا وأقصيتَ المواجعَ عن
عينِ الفـــــؤادِ ولكـــــنْ زدتَنا عَطَــبا
حتى غدت أرضُنـــا جرحًا بلا وطنٍ
يأوي إليهِ غــريبٌ بعــــــــد أن صُلبا
قد يهـــربُ الدمعُ من عينيّ مُرتجفًا
لكــــــنّ قلبي يظلُّ الدمعَ مُنسكبــــا
إن كانَ للأرضِ قلبٌ سوف يسأمُ من
هذي الجـراحِ التي أحصَتْ لنا النُّدُبا
لكــــــنْ سنمشي وإن أعيــــا بنا أملٌ
علّ الرجــــوعَ إلى المفقودِ قد وجَبا
والعمــــــــرُ يمضي كأشباحٍ تُطارِدُنا
حـــتى إذا أمسكتْ أيدينَـــــا انسربا
سيموتُ في الصـدرِ سرٌّ كنتُ أملِكُهُ
ويُدفنُ الحلـــمُ بين الشعرِ والخطَبا
ويبقى الحـــــزنُ في عينيَّ قافيتي
حتى القيـــــــــامةِ لا يُبقي ولا يَذُبا









































