تُخفضُ النارَ أسفل طنجرةِ المقلوبة وترتدي إسدالَ الصلاةِ سريعاً مواربةً بابَ شقتها متجهةً نحو شقة جارتها حيثُ دعتها لتناول فنجان قهوةٍ صباحيّ يتباحثن في حضرته مستجدات العمارة والبنايات المجاورة، ويدرسن مدى جديّة استراتيجيّة الخطة لهذا العام...
تدخل، تحافظ على إسدالها خشية دخول أحدهم فجأة، ترمق البيت نظرة تفحصية بخاصيّة المسح الضوئي، فتحفظ كل شيء موجود لاستعارةٍ وشيكة في الأيام المقبلة، تأتي عَليّة بصينية القهوة المنثورة بالياسمين والتي يرقدُ في حضنها فنجاني قهوة عربية أصيلة منكهة بالمستكة ومرشوش بسيط من ماء الورد، تقدم القهوة لسميّة التي أبدت انبهارها على الفور بطقم الفناجين وبدأت سلسة استفساراتها عن مكان بيعه مفعلةً خدمة ال جي بي أس خاصتها، وبعد أن حصلت على مطلبها،أسندت ظهرها على الأريكة وباشرت موجز أنبائها وكانت الافتتاحية استقبال أم يعقوب التي ارتدت فيه فستاناً لا يليق لسنها البتة، وقدمت فيه معجنات قاسية وتبولة قليلة الحمض، وانتهت جلستهن تلك بإبداء آرائهما بفساتين المدعوات لحفل زفاف نجل أم رأفت، وتخلل الحصاد الإخباري شيئاً من طبخ أم سعيد النيء وشيئاً من علامات شهادة البكالوريوس الخاصة بابنة أم عبير، وفي نهاية الحديث مع الرشفة الأخيرة يؤكدن، يؤكدن... نعم، يؤكدن على الحقيقة المرة بأنهن لا يغتبن أحد ولا تطأ النميمة ألسنتهن، فتغادر سميّة مطمئنة القلب لتطفئ النار عن مقلوبتها وتكمل عليّة أشغالها ببالٍ مرتاح تاركةً فناجين القهوة يثرثرن بما لم يُذكر!.