تتنقلُ بين مكاتب الحكومة طلباً لوظيفةٍ مرموقة قد أفتت زهرةَ شبابها على مقاعدِ العلم للحصول عليها، وبعدَ ثلاثةِ أعوامٍ من التخرج يتحققُ المراد، وتتسلّمُ منصباً بأجرٍ يساوي ثمنَ مواصلاتها، لا أكثر ولا أقل، لا يهم! المهم أنّ هناك نتيجة من المكوثِ بين دفتي كتاب وتفضيل ذلك الكتاب على العريس المغوار...
سعيدةً هي بالوظيفة، تعيسةً من كلامٍ قد رماها الناس به ومن عنوسةٍ ألحقوها بها، فقررت أن تضع حداً لتلك المهزلة، وفي اليوم التالي وضعت وردةً حمراء أمام بيتها فمن عادة العرب قديماً وضعها على أبوابهم عندما تصل فتياتهم لسن الزواج ليعلم المارّون أن هنا تمكثُ عروسٌ ما، ولن تجد طريقة أنسب من ذلك لاكتشاف ثقافة العريس ومستوى إدراكه...
تجدُ وردتها جواباً، ويأتي العريس بأمه طالباً يدها، يدخلُ حاملاً علبةً من الشوكلاتة الفاخرة وفوقها تلك الوردة، يجلس واثقاً من نفسه، أما هي فتصفُّ الفناجين بعنايةٍ فائقة فلربما يشربُ العريس فنجاناً يكلفه مهراً غالياً، تسكب القهوة المضبوطة تماماً، وتسير بها نحوهم وطرقاتُ كتبها ترن في أذن العريس وهو يرفع بصره بتروٍّ نحوها؛ فيجدُ قداً ممشوقاً وعينان من الجنة، يختطف الفنجان ويشربه دفعةً واحدة فتفهم أمه موافقته وأنه يعطيها الضوء الأخضر لإبرامِ الصفقة؛ فتعلو الزغاريد، ويُؤرخ ذلك الفنجان بالأول في حياتهما القهوية.