تتراقصُ صينيته المعدنية المستديرة على أطرافِ أصابعه بينما يُقرقعُ كوبُ قهوةٍ شفافٍ فوقها بوجهٍ مكتمل، وبحركةٍ نظنها بهلوانية يُقدمها لأحمد، زبونٌ دائمٌ هارب من ثرثرات زوجته والطلبات المتلاحقة ناهيك عن الزن والقيل والقال وما عليه سماعه من فيها عن مناكفات الجارات! يرتشفُ قهوته مستمتعاً ببنها المحروق متناسياً مرارةَ ما ينتظره في البيت...
صوتٌ آخر يهدرُ طالباً فنجاناً من القهوةِ المُنكهةِ بالهيل، يبرمُ شاربه الكث زافراً دخانَ النارجيلة الذي ألحقه برشفةِ قهوة ونظرة من غزالٍ هارب!
أما علي فيفردُ منكبيه، ويحاولُ ملء مقعده، ثم يرفع يده طالباً قهوةً على الريحة تُنسيه عقاباً لاحقاً جزاءً لهروبه من المدرسة، هو لا يأبه بالعقاب الآن فحلاوة الرجولة تشغله.
صينيةٌ أخرى في طريقها إلى ثلاثة شيوخ يلعبون الطاولة، أحدهم يلقي حجر النرد والآخر ينتقد طريقة تقديم قهوته بالفنجان وقد طلبها بالكوب الشفاف معللاً أن نكهتها تتخمر بين جدرانه، أما الثالث فيشكك في رمية صديقه للنرد فيطلب الإعادة!
وأما أنا فأطلبُ فنجان قهوةٍ سادة على أرواح ضمائر قد رحلت، ثم أختار بطلاً لروايتي وأغادر.
تعددت أسبابُ قدومهم والهدف واحد،،، قهوة...