ملاك الروح... أين أنتِ؟
نحن نبحث عنكِ في تفاصيل المكان، في الزوايا التي اعتدتِ الجلوس فيها، في دفاتر الأطفال وعيون الأمهات.
نتوق إلى طيفكِ، ونشتاق إلى حنانكِ الذي كان يسبقكِ إلى القلوب قبل أن تطأ قدماكِ المكان.
الجميع هنا يتساءل: أين تلك الإنسانة الجميلة؟
أين مُعلمتنا المتواضعة؟
صاحبة الوجه المشرق، والابتسامة التي كانت بلسمًا لجراح الضحايا.
أين من كانت تضيء الأمكنة بحضورها وتزرع في النفوس أملًا يتجدد كل صباح؟
نحن بدونكِ لا مأوى، لا طاقة، لا حياة...
كأن الزمن توقف، وكأن الأمل خفت ضياؤه منذ رحيلكِ.
كم سهرنا الليالي يا عزيزتي،
نستمع إليكِ وأنتِ تروين قصص الأجداد وتاريخ المناطق التي صمدت في وجه المستعمر،
كنتِ تتحدثين وكأنكِ من رسم خارطة الطريق،
وكأنكِ من وضعت عتبات المناطق التي نالت بشريات الاستقلال قبل أن يغادر المحتل.
كنتِ ذاكرة المكان، وروح الزمان.
كنتِ مرشدة العقول، ومُلهمة القلوب.
الأطفال هنا يشتاقون إلى حصص المراجعة المسائية لمادة الرياضيات،
يفتقدون طريقتكِ المتواضعة المتقنة،
ذلك الأسلوب الذي جعلهم يُقبلون على التعلم، ويشعرون بالراحة لوجودكِ.
كانوا يجدون فيكِ الأم والمعلّمة والصديقة.
وها نحن اليوم، نبحثُ عنكِ في أوراق الغياب،
نسأل عنكِ في كل طَرقات القرية،
نفتقد الأمل الذي كنتِ تمثّلينه.
ألم يحن الوقت لتعودي إلينا؟
لتُعيدي النبض إلى هذا المكان،
ولتُخبري الأطفال من جديد أن الحياة، رغم كل شيء، ما تزال ممكنة؟