ما زال في القلب متسعٌ للكلام،
أشياء كثيرة تختبئ خلف ضلوعي، لم تجد سبيلها إليك بعد...
لماذا تصرين على هذا الصمت؟
دعيني أسمع صوتك مجددًا؛
ذاك الذي طرق قلبي ذات صباح، فصار لي وطنًا ونشيدًا.
قولي لي ما يدور في بالك...
لا تُسكني الكلام في سجونك الصامتة.
اطلبي من عقلك أن يمنحك الإذن بالكلام،
فأنا على حافة الانطفاء،
أكاد أفقد بوصلتي في دربٍ أرهقني العشق فيه حتى لم أعد أعرف من أنا...
كل ما تبقى مني ظلٌّ يبحث عنك.
ماذا عساني أفعل إن ظللتِ واقفةً هكذا، صامتة؟
إنني أُلحّ لأن الجدار الذي تستندين إليه بدأ يتكلم عنك،
لكن صوته ليس بصوتك،
ليس بتلك النغمة التي كانت تنساب كالماء،
وتحمل في طياتها دفءَ الأمهات، وذكريات الطفولة.
تذكّري...
في ذلك اليوم، قبل أن أراك،
مضيتُ إلى بائع الورد،
عدتُ وفي يدي زهرة نرجس...
كانت تبرق كأنها مرآة قلبك.
كنتِ لا ترغبين بغيرها هدية،
وصديقاتك كنّ يفرشن لك الدنيا بها في كل عيد ميلاد.
إن كنت لا تريدين الحديث معي...
فخاطبي تلك الزهرة، كما كنت تفعلين من قبل.
لكن إن ظلّ هذا الصمت جاثمًا بيننا،
فليكن بيني وبين الكلام طلاق لا رجعة فيه!
دعهم يقولون:
"جُنّ العاشق"
"أصابه الهذيان"
"استوطنه البكم"...
كل ذلك أهون من غيابك.
أنت تعلمين،
منذ البدء خلقت لك...
لا حياة لي إن لم تكن تفاصيلها مكتملة بك.
كنا نحلم، نتقاسم لحظاتنا، نزرع أملًا ونقطف ضوءًا.
حتى حين كنتِ تغضبين،
كنتِ تخلقين من غضبك نغمة أحبها...
فحدّثيني، عاتِبيني، افعلي ما شئتِ،
لكن لا تصمتي!
الوقت يمضي،
والقلق ينهشني،
والوضع لا يحتمل شحنة أخرى من الغياب.
صدقيني،
منذ أن افترقنا، لم تذق عيناي طعم النوم،
ولا صدري طعم السكون.
الصمت لم يكن حلًا يومًا،
بل هو الخنجر الذي فصل بيننا.
لا تتركي للشيطان فرصةً يوسوس فيها في قلبك الطاهر،
لا تمنحي الغياب ما لا يستحق،
عودي،
بكلماتك، بصوتك، حتى بصراخك...
فأنا ما زلت هنا،
أنتظرك كما كان،
بلا نقصان في الحب، ولا تراجع في النبض.