يا صغيرتي الجميلة، يا وردة أسرتنا التي تفيض حياةً وبهجة،
أشتاق إليكم كلما امتدت بيننا المسافات وتثاقلت الأزمنة، فتمدّ الذكرى ظلّها عليّ كنسمةٍ تحمل عبقكم الدافئ.
أخبِريني عنكِ، كيف حالكِ وحال إخوتك؟ وكيف تسير الدراسة هناك؟
أما شقيقتك الصغيرة، هل بدأت تهتم بدروسها، أم ما تزال غارقة في شاشات التلفاز وأجهزة الألعاب والمجسمات الخشبية التي تعشقها؟ بلّغي والدتك سلامي، وقولي لها أن تعتني بها أكثر في هذه المرحلة بالذات، فالعالم تغيّر من حولنا، وموجة أدوات الذكاء الاصطناعي تجتاح عقول الصغار قبل الكبار. لا ننكر ما فيها من فائدة، لكنها حين تُستخدم بغير وعيٍ، تُفسد أكثر مما تُصلح. لقد أثبتت التجارب أن الإفراط في استخدام هذه الأدوات يضعف ذاكرة الأطفال، ويقلّل من قدراتهم على الإبداع الحقيقي، ويُغرقهم في عوالمٍ جاهزةٍ تُغيّب بصمتهم الخاصة. الطفل في عمرٍ يحتاج إلى أن يُفكّر بيديه وعقله، لا أن تُقدَّم له الإجابات جاهزةً من شاشةٍ باردة. نحن لا نرفض التكنولوجيا، ولا نسعى إلى عزل أبنائنا عنها، لكنها وسيلة وليست بديلًا عن التربية والتفاعل الإنساني. ينبغي أن نوجّههم إلى استخدامها في حدود الحاجة، لا أن نتركها تتولى أدوارنا ومسؤولياتنا كآباء وأمهات. ثم إنّ في هذا العالم الرقمي ما يُخيف — عزلة الأطفال عن ذويهم، ضعف التواصل الأسري، وانسحابهم من الدفء الإنساني نحو عوالم افتراضية باردة. بعضهم قد ينجرف حتى الإدمان دون أن ننتبه، فتُصبح اللعبة حياة، والشاشة وطنًا، والذكاء الاصطناعي أبًا وأمًّا بديلين. وإن نظرنا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وجدناها سلاحًا ذا حدين؛ فهي تُقرّب البعيد وتوفّر الوقت والجهد والمال، لكنها أيضًا تفتح أبوابًا خطيرة: انتحال الشخصيات، والتواصل الزائف، وإنفاق المال بلا وعي، وضياع الوقت فيما لا يُثمر. لذا يا صغيرتي، اجعلي من التكنولوجيا خادمًا لا سيّدًا، وتذكّري أن أجمل ما في الإنسان هو قدرته على التفكير الحر، لا ما تمليه عليه الآلات.





































