آخر الموثقات

  • تلك الايام
  • زي البرص
  • عيش حاف
  • ذكريات مسترده..
  • "الألش" سلاحآ
  • هدية العمر
  • فجوة القلب والعقل
  • الروقان غير الهدوء 
  • أرتق جراحي
  • تجربتي مع الولادة القيصرية: نصائح وتطمين للبكرية
  • المسيرات أم المسيرات .. ؟! 
  • اعتياد الكتمان
  • بَيَانٌ ليسَ استِنكَاريًّا على الإطلاَقْ!
  • شَاعرٌ لا يليقُ بهِ المَوتْ
  • أمام قسم الفلسفة
  • قُرصُ أسْبيرِين.. وأشياء أخرَى فوق طاولتِي!
  • العابرون
  • بعد عام من رحيلك
  • خفقة قلب
  • إشكي لربك
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة غازي جابر
  5. ملاك في الزحام

لم أعرف يومًا ما معنى أن تكون لك أسرة. لا وجه أب يطالعك صباحًا، ولا صدر أم تضمك إليه حين تشتد عليك قسوة العالم. كنت طفلًا تائهًا، مشردًا، كغيري من الأطفال المنسيين داخل وطن لا يعترف بوجودنا. لا مأوى، لا قانون، لا عادات تضبط سلوكنا، فقط قانون الثقة بيننا، نحن الذين لفظتنا الحياة منذ نعومة أظافرنا. نعيش في كوخ ممزق، سقفه قماش مهترئ تنهشه الرياح وتغطيه طبقات من الغبار ودخان المصانع. نفرش الأرض بأجسادنا، نغطي بعضنا ببعض، ونحتمي بالدفء الآدمي حين يغيب الدفء الحقيقي. عشرات الأطفال يتشاركون نفس البؤس، ونفس الحلم المؤجل بأن يكون لنا يومًا وطن صغير يحمل اسم "بيت".

 

لم نكن نعرف طعم الجوع. لا لأن الطعام وفير، بل لأننا صنعنا لأنفسنا طرقًا بديلة للبقاء. كنا نذرع الطرقات حول المطاعم، نحوم كالأشباح بين نفاياتها، نلتقط ما تُرك عن قصد أو عن شفقة. بعض أصحاب المحال حفظوا وجوهنا، فصاروا يتركون لنا ما يسد الرمق، بلا كلمة ولا سؤال.

 

حين نسمع عن مناسبة لرجل أعمال أو مسؤول كبير، ننقسم إلى مجموعات ونتجه إلى هناك. لم يكن يهمّنا من هم، ولا كنا نكترث للشتائم التي تطاردنا. كنا نبتسم لها، ليس ضعفًا، بل لأننا تعلّمنا أن نواجه القسوة باللين، والصراخ بالصمت. رغم فوضانا، كنا نحمل بداخلنا بذرة من السلام.

 

في أحد الأيام، خرجتُ برفقة "رُبى"، طفلة مثلنا، مشردة مثلنا، نبحث عن دواء لأحد الأطفال المصابين بالصداع النصفي. لم يكن لدينا بطاقة علاج، ولا مال للطبيب. فقط حلم صغير بحبة دواء تخفف عنه الألم.

 

وبينما كنا نسير على الرصيف، تعثّرت "رُبى" وسقطت أرضًا، صارخة تطلب النجدة. كنت قد سبقتها بخطوات، لكنني عدت راكضًا مع أول صرخة. هناك، رأيت مشهدًا لن أنساه ما حييت.

 

امرأة شابة، بعينين خضراوين، وشعر ينسدل حتى أسفل ظهرها، نصفه مربوط بوشاح أبيض من الحرير. كانت تجثو إلى جانب "رُبى"، تفتح حقيبتها، وتجري لها إسعافات أولية بإتقان وهدوء. وقفتُ مذهولًا، وسألتها:

 

– من أنتِ؟ وماذا تفعلين؟ لكنها لم ترد، وكأنني لست هنا. كل تركيزها كان على الطفلة.

 

لم نكن نثق بأحد، فكل من جاء إلى الشارع، جاء لأنه لم يعد له أحد. لكنها لم تكن كغيرهم. أخرجت حبة حمراء وقالت إنها مسكن. أمرت "رُبى" بابتلاعها، ثم ربّتت على كتفي قائلة:

 

– خذ أختك واذهبا. واحتفظا بما تبقى من الحبوب، قد تحتاجونها لاحقًا. لم تسألنا عن أسمائنا، ولا عن أين نعيش. فقط نظرت إلينا نظرة دافئة، نظرة فيها من الحنان ما لم نجده في كل ما مضى من عمرنا. نظرة أقسم أنها كانت تشفي دون حاجة إلى دواء.

 

لكن فجأة، التفتت إلينا وسألت: – أين تعيشان؟ من أين أنتما؟ ترددتُ، لكن رُبى أجابت ببراءة الطفولة: – نحن نعيش هناك... في الكوخ قرب المصنع الكبير. حينها تجمّدت ملامح المرأة، وسألت برفق مشوب بدهشة: – هل اسمك "رُبى"؟ هزّت رُبى رأسها بالإيجاب، واستدارت المرأة، وسحبت كُم الطفلة ببطء. كانت هناك علامة، ندبة صغيرة على معصمها الأيسر، تشبه حرفًا منحوتًا في الجلد. شهقت المرأة، وتهامست: – مستحيل... هذه أختي. أختي التي ضاعت أثناء الحرب.

 

ثم تاه صوتها بين الذكرى والدمع:

 

"في الثمانينات، نزحنا من قريتنا بعد أن اجتاحت الحرب كل شيء. كانت "رُبى" طفلة لم تكمل عامها الثالث. وبين صراخ القذائف وهلع النزوح، اختفت. لم نترك مكانًا إلا وبحثنا فيه. كنا نظن أنها ماتت. لكن قلبي... قلبي لم يصدق ذلك يومًا."

 

أما رُبى، فقد نظرت إليها بذهول. لم تصدق شيئًا. بل سحبت يدها، وقالت بصوت مرتجف: – لو كنتِ أختي فعلًا، فلماذا تركتموني؟! لماذا لم تعودوا أبدًا؟ حاولت المرأة احتضانها، لكن رُبى تراجعت. ثم نظرت إليّ، وقالت: – لن أذهب معها. هي مثل البقية، تظهر فجأة وتختفي فجأة.

 

رحلت المرأة وهي تهمس: – سأعود. ولن أتركك هذه المرة. وبعد أيام، عادت. هذه المرة برفقة امرأة مسنّة، كانت الأم. احتضنت رُبى وبكتا طويلًا، وأقسمتا أنهن لم يتوقفن عن البحث يومًا.

 

سكنت الأم معنا فترة. كانت تطهو لنا، وتروي لنا الحكايات. أما "رُبى" بقيت على حالها، تتأرجح بين رغبة دفينة في التصديق وخوف غامض من أن يكون كل هذا حلمًا لا يلبث أن يتبخّر. كانت تنام على الأرض الباردة، وتحدّق في السقف المهترئ، وفي داخلها ألف سؤال. لم تقل شيئًا، ولم تَعِد بشيء، لكنها كذلك لم تطردهم من عالمها.

 

وفي أحد الصباحات، حين كانت أختها تجلس عند أطراف الزقاق تنتظر بصمت، اقتربت منها "رُبى" ببطء، وتوقفت أمامها لحظة، ثم مدت يدها الصغيرة، كأنما تسلم نفسها للقدر. لم يكن هناك كلام، فقط نظرات صامتة امتلأت بكل ما عجزت السنوات عن قوله

 أخذتها يدها الصغيرة وذهبت معهما. إلى بيتٍ... نعم، بيت حقيقي، له باب يُغلق، وسقف لا يتسرب منه المطر.

أما أنا، فبقيت كما كنت... طفلًا بلا أسرة. لكنني، لأول مرة، شعرت أن العالم ليس كله ظلام. فثمة من يبحث، من ينتظر، من يحب دون شرط... حتى وسط الزحام، تمشي الملائكة، ونحن لا ندري.

إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
3↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
4↑1الكاتبمدونة اشرف الكرم
5↓-1الكاتبمدونة محمد شحاتة
6↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
9↓-1الكاتبمدونة حسن غريب
10↓الكاتبمدونة حاتم سلامة
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑17الكاتبمدونة خالد دومه39
2↑10الكاتبمدونة آمال صالح11
3↑8الكاتبمدونة هبة المفتي101
4↑7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا13
5↑7الكاتبمدونة نهلة حكم 59
6↑7الكاتبمدونة عبير محمد112
7↑6الكاتبمدونة رانيا ثروت37
8↑6الكاتبمدونة منى أحمد41
9↑6الكاتبمدونة جهاد غازي124
10↑6الكاتبمدونة دعاء البدري125
11↑6الكاتبمدونة نورا عماد127
12↑6الكاتبمدونة هبة شعبان188
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1069
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب689
4الكاتبمدونة ياسر سلمي652
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم567
7الكاتبمدونة آيه الغمري496
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني423
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين417
10الكاتبمدونة سمير حماد 400

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب330375
2الكاتبمدونة نهلة حمودة186382
3الكاتبمدونة ياسر سلمي178015
4الكاتبمدونة زينب حمدي168862
5الكاتبمدونة اشرف الكرم127697
6الكاتبمدونة مني امين116052
7الكاتبمدونة سمير حماد 106169
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي97231
9الكاتبمدونة مني العقدة93802
10الكاتبمدونة مها العطار87291

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد عسكر2025-06-04
2الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
3الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
4الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
5الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
6الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10
8الكاتبمدونة كريمان سالم2025-05-10
9الكاتبمدونة رشا ماهر2025-05-09
10الكاتبمدونة مها اسماعيل 2025-05-09

المتواجدون حالياً

250 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع