انا اقف وحيدة
الضيق الظلام الوحدة البرد
السكون لاشي يكون سوا غضب الالهة
لا أعرف نوع الطعام، ونسيت مذاقه، حتىّ الماء انعدم تمامًا
وجوه الأطفال تغيرت وتبدلت ملامحهم، كدت لا أفرز بينهم لولا علامات وضعتها على كلّ واحدٍ، تحسبًا لفقدانهم وعندما تحدث مثل هذه الظروف
الأوردة تنادي معبرة بحسرة عن فقدان الجوارح للطعام.
خلايا الجسد تقاوم عنفوان الرغبة للأكل والشراب
الأطفال الصغار يبكون ويتألمون والنار تلاشت رمادًا الجوع ابن الفقر كلاهما لا أنيس، لهما يمضي الوقت ويشتد البرد ويعم الظلام والبيوت فارغة تمامًا من الناس، الجيران نزحوا جراء الحروبات التي اجتاحت المنطقة
ماذا أقول للصغار أكثر بل ماذا أطهو لهم أليس هناك حيلة أخرى لم أجربها سكب الماء على الإناء وتركه يغلي ساعات ولم أقدم لهم ما يرغبون من تناول لقمة تسد الجوع، تكسير الحطب معللة تصبيرهم، الحقيقة انا الان أكثر منهم حاجة إلى من يصبرني بالكاد نفدت طاقتي الوجوه عابسة العيون تبحلق هنا وهناك بين الفينة والأخرى ماذا يمكن أن يحدث هل تمضي هذه الليلة كما نود نحن بحاجة مآسة إلى جر عقارب وعداد الساعة إلى الأمام لنفيق على أمل جديد ويوم جديد ونفرد جناحنا عنان السماء، الفقر لا يعرف الحياة الاخرى.
رباه لا تدعني اقاوم موج البرد القارص وحدنا على هذا الوضع المرير
إلهي أرنا قدرتك انزل علينا معجزة تسهل وضعنا وكيف نتدبر أمرنا لنتقلب على محنتنا هذه، القليل من الصبر لا يكفي، نحن بحاجة إلى من يشعل فتيل الإيمان الداخلي لنستقبل الأيام بطاقة ايجابية
كيف نمضي؟ وكيف يمضي بنا الحال هذه اللحظات كأنها لم تمر بعد
لازال الصغار يتهامسون إنهم لا يروا شئيًا عند الليل
جميعهم يعاني نقص وضعف النظر.
وهنا لا يروا سوا شرارة نار القصب التي باتت رمادًا
لم يسمعوا صوت غليان الماء الذي بث فيهم الأمل لساعات طويلة
ماذا أصطاد إليكم يا صغاري الجميلين الحالمين بوضع أفضل لم يحدث بعد، ربتت إحداهن على كتفي لم تسطيع الحديث تخرج كلماتها كإنسان يعاني مشاكل الحبال الصوتية أخرجت جملة بصعوبة لولا الامومة حقا لما عرفت ماذا تقول وماذا قالت فعلًا قالت ويدها على كتفي ويدي الأخرى تهبهب على النار التي أصبحت رمادًا
يا اماه : لا تعبثي ستمر هذه الليلة ستمر بسلام
هذه اللحظة شعرت كأنني خلقت من جديد أي أمل ولد من جديد في اللحظات الكئيبة
ابنتي الجميلة تعالي إلى اقتربي إلىّ همست على اذنها لأطيب على حالها محاولة إخماد نار الجوع التي تغلي كما أشقاءها الاخرون الذين يقاوموا الألم نفسه
ساءت الاوضاع وسمعنا من مكان بعيد صوت كزئير الأسد ركدت مسرعة نحوه انا لا اشعر بالخوف بقدرما يمكنني المغامرة من أجل الحصول على أي مساعدة تقدم إليّ أو أتحصل عليها بطريقة ما.
بكت عيوني مجددًا هذا المرة جاءت اشارات من أذني بأن ذاك الصوت تلاشي وتخبر عيوني بأنه ليس هناك شئ يرى، سقطت كل الآمال والاحلام سدًا سقطت على الأرض وانا افقد الأمل مجددًا، بعدت قليلًا عن مكاننا حيث تركت الصغار على حلم أن أعود إليهم محملة بالطعام والشراب ماذا اقول لهم؟ بل كيف أعود خالية الوفاض أنا عاجزة تمامًا حتىّ إذا ظهرت أمامي فريسة وأنا على هذه الحالة قد أصبحت فريسة أيضًا لغيري، سجدتُ على ركبتي ووضعت يداي على ظهري ورفعت بصري نحو السماء لم استطيع نطق كلمات أدعو الله أن يغثني بها ويخرجني من هذا المأزق، وظللت انظر نحو السماء والبرق يشتد والسنون تستاك من شدة البرد إذ بأحدهم يربت على كتفي بصعوبة ووهلة استدرت نحوه للأمانة انا لا استطيع أن أنهض لأحييه تحية السلام أدركني ومد إلى حقيبة واستدار مسرعًا لم ينطق بكلمة بعد، الحقيقة انا لم انظر إليه جيدًا، لكن عيناي وقعت على اللحية البيضاء ومعطف بني على كتفه، فتحت الحقيبة وجدتها محملة بالطعام ومن ألذ أنواع الطعام التي تطهي في مطاعم خمسة نجوم واستدرت نحو صغاري لأنقذ حياتهم من الجوع ولنشكر معًا ما كان وسيلة لإنقاذنا.
الحياة لم تقف عند أحدٍ بقدرما هناك رب يستجيب دعاء عباده، التكافل الاجتماعي يملأ الحياة ودًا ورحمة