أعرفكِ وسط الزحام كما تُعرف النجمة في سماءٍ غائمة،
أشعر بدفئكِ في قلبي وإن عانقتني يدُ الجليد،
أتظنين أنني لم أركِ؟
بل رأيتكِ في انكسار الضوء على الأرصفة،
وفي ارتباك الريح وهي تمرّ بجواركِ متلعثمة.
الجوّ خانق، والأرض مُثقلة بالوَهن،
لكننا لم ننسَ...
فأنا لا أتنفّس إلا لأجلكِ،
خُلقتُ هكذا: قلبٌ لا ينبض إلا بكِ،
وروحٌ لا تستكين إلا في ظلّكِ.
ملامحكِ التي أسرتني ذات مصادفة،
لم تتبدّل، بل أزهرت كما الورد حين يشتد عليه الربيع.
أنتِ الجمال حين يتجاوز الوصف،
والنور حين يحترف التجلي.
من أجلكِ أعلن العصيان على هذا العالم،
أُحارب كل من يقف في طريق حبّنا،
ولا أقبل لعينٍ زائغة أن تراكِ.
كل يدٍ تمتد إليكِ طمعًا أو فضولًا،
سأقطعها...
دون أن ألتفت للعواقب.
فالتراب لا يسع من نظر إليكِ بغير طُهر.
كأنّ الربيع خُلِق ليُشبهكِ،
الورد يتفتح من حيائكِ،
والقمر يتوارى إذا لاح وجهكِ المشرق.
أنتِ القصيدة التي لا تُكتب،
والصمت الذي يفيض بمعناه دون حروف.
نحن هنا... معًا،
حُبّنا يتجدد كما تتجدد الفصول،
والعُمر يمتد ليمنحنا فرصةً أخرى للعناق.
لم أعرف الشوق إلا حين ابتعدتِ،
ولم أفهم الانتظار إلا حين انتظرتكِ بلا موعد.
لن نرتهن لوعودٍ مؤجلة،
سأمزق كل عهدٍ لم يُكتب باسمنا،
كل اتفاقٍ لا يشرّع عشقنا.
قلبي لا، ولن، يميل إلا إليكِ،
وهذا ما خطّه القدر في غُرة المصير.
وإلى ذلك الحين...
دعينا نلتقي مجددًا،
على جسر برلين التاريخي،
نُكمل ما بدأته السماء...
ونعيد ترتيب النجوم على صورتنا.