بينما كنا نسير في طريق تحقيق أحلامنا وآمالنا، واجهتنا عقبات وعوائق كانت تحاول إبطاء رحلتنا. للامانة، لم نكن نهتم كثيرًا، قاومناها ببسالة، وحظينا بأصدقاء ساهموا في دفع طريقنا نحو ما نطمح إليه. لم يكن الأمر بحاجة إلى دعم مادي في شكله الظاهر، بقدر ما كان يحتاج إلى وضوح الرؤى، وتسمي الأشياء بمسمياتها، وقبول أي مبادرة قد تفتح لنا أبوابًا جديدة. أما الدعم اللوجستي المباشر، فلم يكن ضروريًا، لكن طبيعتنا الإنسانية تجعلنا نخشى التجارب الجديدة ونهاب المواجهة الفردية. لذلك، كان من الطبيعي أن نرحب بأي فكرة أو اقتراح يدفع عملنا، ويتيح لنا استلهام خبرات الماضي وتعزيز مهاراتنا بالتجربة العملية.
ذهبتُ إلى صديقنا الذي جمعنا أيام المراحل الابتدائية، وكان يسكن بالقرب منا، لكن تقاطعات الحياة ومتطلبات كل مرحلة حولت علاقتنا إلى مجرد تواصل عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. لم نلتقِ لسنوات طويلة، إلا في المناسبات النادرة التي تجمعنا صدفة. هذه المرة، طلبت لقاءً معه على شاطئ النيل، وتركت له حرية اختيار الوقت المناسب. بالفعل، تم تحديد الموعد، وذهبت إليه بصحبة صديق آخر، كنا الثلاثة نجتمع معًا في نفس المكان أيام الجامعة.
ظننت أنني سأسبقه إلى المكان، لكن هذه المرة سبقنا وحضر الجلسة قبلي، تمامًا كما كنا نفعل أيام الجامعة. لحظة اللقاء كانت غريبة، ممتلئة بالدهشة والحنين. جلسنا على ضفاف النيل، نستمع لصوت المياه وهي تصطدم بالحجارة، ونتذكر ضحكاتنا القديمة، وأحلامنا البريئة، ونقاشاتنا التي كنا نظن أن المستقبل ملكٌ لنا وحدنا.
استعاد كل منا ذكرياته الخاصة: الأيام التي قضيناها نناقش مشاريعنا، الأفكار التي كنا نؤمن بها، وكيف أن كل منا كان يحمل حلمًا يريد تحقيقه قبل أن تفرقنا طرق الحياة. جلسة قصيرة لكنها كانت كافية لاستعادة روح ذلك الزمن، وإدراك أن الصداقة التي جمعتنا لم تفتر، وأن الطموح الذي دفعنا لم يضعف.
ناقشنا بعمق ما يمكن أن نحققه في المستقبل، وكيف يمكننا أن نعمل معًا في مثلث يساهم في تقوية شركاتنا ومشاريعنا. تبادلنا الأفكار، واستعرضنا الإمكانيات، وابتسمنا ونحن نتخيل كيف ستكون الخطوات المقبلة. شعرت خلالها بأن الزمن لم يفرق بيننا، وأن الروح التي جمعتنا منذ أيام الطفولة ما زالت حية، تنبض في كل كلمة وكل فكرة.
كانت الجلسة أكثر من مجرد لقاء، كانت استعادة لذاكرة تاريخية مشتركة، وتجديد لعزيمتنا، وإعادة إشعال نار الطموح. خرجنا منها وكأننا عدنا شبابًا، مزودين بحماس جديد، وذكريات نتشبث بها، وأمل في مستقبل سنبنيه معًا، مستفيدين من خبرات الماضي دون أن نترك الخوف يعيق خطواتنا المقبلة.