أيُعقل أن أنظر إليك بهذا الشكل؟
لا ورب السماء… أنت أجمل من أن يصفك الصباح، وأدفأ من أن يحتويك المساء. أنتِ لحظة انبلاج النور حين يشقُّ عتمة الفجر، وأنتِ نغمة موسيقية تتسلل إلى القلب فيسري معها العشق في الشرايين. أنتِ المعنى حين تعجز الكلمات عن الترجمة، والنبض حين يفيض على الجسد دفئًا واطمئنانًا.
لغة الجسد ليست درسًا نقرأه في كتاب، بل قصيدة صامتة تتفتح أبياتها في ابتسامتك، في تلك الانحناءة الرقيقة لرأسك، في النظرات التي تحملني من أرض الواقع إلى فضاء الحلم، وتفتح أمامي أبوابًا كانت مغلقة في أعماقي. حدّثيني عن عالمك الذي أسكنه، عن الزوايا التي لا يراها أحد غيري، عن أسرارك الصغيرة التي تشبه حبات المطر حين تتساقط على نافذة الروح. حدّثيني عمّا يمنحك راحة البال، وما الذي يكدّر صفوك، وما يجعل قلبك يضيق أو يتسع.
أنا لستُ طبيبًا نفسيًا، لكنني أملك قلبًا يعرف طريقه إلى جراحك الخفية. أبذل ما أستطيع لتعود إليك تلك الابتسامة الصافية التي كانت تُزيّن ملامحك، وذلك الوجه المضيء الذي لم يفارقك يومًا، بل جاء ليزرع النور في طريقي ويملأ حياتي بالفرح.
أنا لكِ وحدك… فلا تكسري هذا العهد. علّقي وجعك على مشجب بعيد، واغسلي ما يؤلمك بمائك النقي، وادفني الملام في بئرٍ عميقة، بئر لا يعود منها صدى ولا يعلو فيها صوت. نحن لم نكن يومًا أصدقاء للتعاسة، ولم نسمح لها أن تسكن بيننا. كنا حين نلتقي، نصنع للحياة طعمًا آخر، وكنا نعرف كيف نلوّن أيامنا بفرح يشبه أعياد الطفولة.
لكن… ما بال نظرتك تغيّرت يا وردتي؟
أتدرين؟ حين يضيق بي الحال، ألوذ بغرفتي كطفل يعود إلى حضن أمه. أستلقي على وسادتي، وأفتح ألبوم صورنا، وأتنقل بين اللحظات التي جمعتنا. كان يكفيني أن أرى ابتسامتك حتى تعود إليّ قوتي، وحتى تزهر أيامي من جديد.
حتى في غيابك، كان غياب الابتسامة عن ملامحك يسرق من قلبي ضوءه، ويجعل النهار يبدو باهتًا. وحياتي من دونك، ورب العز، تشبه حياة مشردٍ فقد أمّه وأباه وزوجته في ليلة واحدة، فتاه عن دفء العلاقات، وعاش بين جدران الوحدة وقيود الحياة الجائرة، يجرّ خطواته فوق أرصفة باردة لا تعرف الرحمة.
فأخبريني… حين تمتلئ دواخلك بالكلمات وتشتعل رغبتك في الحديث معي، ماذا ستقولين؟
هل ستخبرينني عن أحلامك المؤجلة؟ عن الأمان الذي تبحثين عنه؟ أم ستفتحين لي قلبك كما كنتِ تفعلين دائمًا، لألملم شتاتك وأعيدك إلى ابتسامتك التي أحب؟
ولتعلمي… أنني مهما طال الانتظار، سأظل واقفًا عند عتبة روحك، أحمل لك صباحاتي وأمسياتي، وأجمع من ملامحك فتات النور لأصنع به أيامي. لن أترك للمسافات سلطانًا علينا، ولن أسمح للصمت أن يسرق لغة العيون بيننا. ما دام في صدري نبض، ستبقى ابتسامتك موطني الآمن، ووجهك هو الطريق الذي لا أضلّه أبدًا.