آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ الكرسي المقابل
  • ق.ق.ج/ سلالة الغبار
  • الرفض الجدي..
  • قائمة الأسماء..
  • حرة أنا …
  • أرواح شاهدة
  • احلام بلا اجنحة
  • على بركان
  • تزهر قلوبنا
  • فقدان الإحساس مرعب
  • ويبقى الحُبُّ ما بَقي العِتاب
  • ق.ق.ج/ الكوب الفارغ
  • ق.ق.ج / ريش متناثر
  • فنون البعاد
  • غربة والتماس
  • القلب ميت
  • رسالة لم تصل إليك
  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة غازي جابر
  5. ذاكرة لا تعرف القبلية 

لم نكن يومًا مختلفين عن بعضنا في إنسانيتنا. حتى عاداتنا وتقاليدنا، على تعددها، لم تكن تفصل بيننا بقدر ما كانت توحدنا. كنا أبناء المنطقة ذاتها؛ نشأنا في الأزقة الضيقة، ولعبنا في الساحات الترابية، وتذوقنا معًا شغف الطفولة الأولى. تربينا على الاحترام المتبادل بين الصغار والكبار، فكان الكبير أبًا للجميع، والصغير ابنًا للجميع، ولم نشهد في حياتنا ظلمًا يُذكر. كأننا، من حيث لا ندري، صغنا قوانين غير مكتوبة تحكم سلوكنا، لكن تلك القوانين لم تُخط بالحبر أو تُعلق على الجدران؛ بل كانت مغروسة في قلوبنا منذ الصغر.

 

في قريتنا، لم تكن إنسانيتنا تهضم حقوق النساء أو الأطفال، بل كنا نرى فيهم امتدادًا لحياتنا، وأمانًا لأيامنا. تساوينا في الحقوق والواجبات، ولم يكن لعمر أو جاه أو نسب فضل على أحد. من كان يظن أنه سينال تمييزًا بسبب قبيلته أو مكانته الاجتماعية، لم يكن ليجد لذلك مكانًا بيننا. لم نعرف النزاعات القبلية، على الرغم من أن قريتنا كانت تضم أكثر من سبع قبائل مختلفة، عاشت جميعها في حب وسلام وتكاتف نادر.

 

كانت المناسبات السعيدة تجمعنا كما تجمعنا لحظات الحزن. نلبي الدعوات، ونتشارك الطعام، ونسهر معًا في الليالي الطويلة، نصنع من الفرح جسورًا ومن الأتراح مواساة حقيقية. بل إن هذا التمازج أفرز تداخلًا اجتماعيًا متينًا، تُوج بتصاهر بين القبائل حتى لم يعد يُعرف ابن هذه من تلك، وصار الدم واحدًا والرحم واحدًا.

 

ومن بين كل هؤلاء الناس، يظل اسم "العم عباس" عالقًا في ذاكرتي كرمز للإنسانية الخالصة. لم يكن في القرية من لا يعرفه. رجلٌ رحيم بمن أمامه، أنيس لمن لا يجد مؤنسًا، كريم مع كل من زاره أو مرّ ببابه. يعرف الصغير والكبير بأسمائهم وأحوالهم، ويستبق حاجة الناس قبل أن يطلبوها. يطرق أبوابهم بالمبادرات، يساهم في كل عمل جماعي، ولا يهدأ له بال حتى يرى القرية في حالة نهضة وتكافل.

 

وذات صباح هادئ، تلقيت منه مكالمة لم أتوقعها. قال لي بصوته المألوف:

"أنا اتصلت بك بخصوص زواجك من بنتي الكبرى".

 

أوقعني العم عباس في موقف أربكني، لكنني كنت واثقًا من طيب نواياه. كنت أعلم أنه لا يريد أن يحرجني أو يضعني في موقف لا أرضاه. ترددت قليلًا، ثم قلت له بصوت حاولت أن أجعله ثابتًا:

"قبلت عرضك يا عم عباس، وسأعمل على ترتيب أموري خلال الأسابيع القادمة".

 

لكنني لم أكن أعلم أن مجرد كلماتي تلك كانت كافية عنده. فاجأني قائلًا إنه قد رتب كل شيء تقريبًا: مراسم الخطوبة، بروتوكولات العقد، وحتى تفاصيل الاستعدادات. قال لي بابتسامته التي تُسمع عبر الهاتف:

"لا عليك، فقط أخبرني متى تكون مستعدًا، وسأهتم بالباقي. ولتعلم، يا بني، أن البنت التي ستتزوجها هي بنت العمدة ود أرباب".

 

كاد قلبي يتوقف حينها. لم أستطع تصديق ما سمعت؛ كان الأمر بالنسبة لي أقرب إلى حلم جميل من أن يكون واقعًا. لكنني أعلم أن العم عباس لا يكذب، وأنه رجل إذا قال فعل، وإذا وعد أوفى. شهادات الناس فيه تكفي لتؤكد صدقه ووفاءه.

 

وبالفعل، لم يمض وقت طويل حتى أُعلنت مراسم الزواج. اجتمع أهل القرية كلهم كما لم يجتمعوا من قبل. رجال ونساء، كبار وصغار، شيوخ وشباب، جاؤوا من كل بيت يشاركوننا الفرح. لم يكن زفافي حدثًا شخصيًا بقدر ما كان عرسًا للقرية بأسرها. كان الجميع يشعر أن هذا الزواج تتويج لتلك الروح الجماعية التي عشنا بها.

 

ولم يكن فضله عليّ في ترتيب زواجي أمرًا عابرًا؛ لقد كان بمثابة درس عميق لن أنساه ما حييت. علمني أن الخير يبدأ من المبادرة، وأن الوقوف مع الآخرين في تفاصيل حياتهم الصغيرة قد يكون أعظم أثرًا من إنجازات كبيرة لا تمس حياة الناس مباشرة.

 

كلما تذكرت تلك اللحظة، أيقنت أن مجتمعنا لم يكن يعيش فقط على الأرض، بل كان يعيش في قلوب بعضه البعض. لم تكن إنسانيتنا شعارات، بل ممارسة يومية. كنا نرى أنفسنا عائلة واحدة، مهما اختلفت قبائلنا أو انحدرت أصولنا. وهذه الذاكرة الجمعية، بصفائها ونقائها، تظل بالنسبة لي أجمل إرث تركته لي قريتي.

قد تتغير الأيام، وقد تتبدل الظروف، لكن صورة العم عباس وهو يمد يده إليّ بعرض كريم، وصورة رجال القرية وهم يرقصون في ساحة الفرح، ستبقى شاهدًا على أن الإنسانية قادرة على أن تصنع قانونًا أسمى من كل الدساتير: قانون المحبة، والتكاتف، والوفاء.

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑14الكاتبمدونة محمد فتحي129
4↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
5↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
6↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
7↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
8↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
9↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
10↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
11↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350831
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205362
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190494
4الكاتبمدونة زينب حمدي176737
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138631
6الكاتبمدونة مني امين118871
7الكاتبمدونة سمير حماد 112796
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103987
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101404
10الكاتبمدونة مني العقدة98657

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

433 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع