قبيل اندلاع حرب السودان 15أبريل 2023الدامية التي خلفت واقعًا لم يعيشه إنسان السودان من قبل و نأمل الا يعيشه مرة أخرى هذا الشعب الذي لا يستحق كل هذا العناء والبلاء، حقيقة شعب طيب ومحب للسلام والتعايش السلمي تربي السودانيين هكذا على التعاضد والتكاتف والترابط الاجتماعي، في اللحظات الاولى للحرب ارتفع صوت السلاح الثقيل وخرج الجميع من منازلهم واهتزت طاقة النساء والرجال وكبار السن والعجزة حينها البارود فتك بأرواح الابرياء العزّل الذين لا طاقة لهم ولا يمتلكون وسائل مقاومة بل لا توجد رغبة في المقاومة لهذ الفوضى الجميع تاه سعيه للحياة وانعدم صبرهم بثبات والعيش في وضع حربٍ دعك من العذاب والتنكيل والاذلال الذي تعرضوا له من فوضى وعنف الدعم السريع الذي يضرب في الأهالي ولا يبالي
الخرطوم العاصمة السودانية التاريخية التي تعتبر المدينة المركزية الفاضلة ريثما يتوافد إليها السودانيين من شتى الأقاليم بحثًا عن العمل والدراسة، تعد هذه المدينة التي احتضنت الملايين من أبناء السودان المتعدد الثقافات والأعراق، كما أنها كانت مدينة سياحية جذابة و تعد منبع الثقافة ومنارة للعلم إذ يوجد فيها المتحف السوداني القومي الذي تأسس عام 1971م يعد من أكبر المتاحف في السودان ويعتبر كنز قيم ، تبين فيه ذاكرة تاريخ السودانيين بجمالها وبكل ما سطره التاريخ السوداني، كلّ من يزور العاصمة الخرطوم أول ما يخطر على باله الصلاة في المسجد العتيق ومن ثّم زيارة هذا المتحف القومي الذي يجسد حضارات السودان المتنوعة ويشكّل إرثه التاريخي ومن أهم ما يمكن أن يقوم به الزائر بعد ذلك الذهاب نحو مقرن النيلين مكان التقاء النيل الأبيض القادم من أوغندا والنيل الأزرق القادم من أثيوبيا ليشكلا بعد ذلك مجرى واحد يتدفق شمالا باتجاه مصر، يعد مقرن النيلين من أهم المعالم البارزة التي تميز الخرطوم والتي يقسمها النيل- أو النيلين- إلى ثلاثة أجزاء أشبه ما تكون بمثلثات تلتقي رؤوسها عند المقرن وجزيرة توتي، جزيرة توتي التي تضم حضورا بارزا وطلة بهية إلى المشهد الساحر الجذاب ويتوافد إليها السودانيين والسودانيات يوميًا وهناك مساحات سياحية مخصصة لاحتفالات راس السنة هكذا يجتمع ويبتهج ويفرح السودانيين في هذا المكان.
الخرطوم يعرف بها السودان لتاريخها الطويل ولموقعها المركزي ولبنية خارطتها الجغرافية التي تشكل لوحة جمالية أخرى جذبت نحوها السواح الأجانب الأفارقة، الأوربيون، الخليجين والغرب تقدم السودان كان بفضل نهضة الخرطوم في التجارة والاقتصاد والترابط الاجتماعي والثقافي والرغبة وبسط الأمن فيها ويذكر أن الرغبة في النهوض بالسودان كانت تبنى من العاصمة الخرطوم
تحوّلت هذه العاصمة الجميلة إلى مدينة أشباح ملطخة بدماء السودانيين الأبرياء هكذا ما فعلت الطلقة الاولي التي وجهت عمدًا وقصدًا نحو المواطنين، أنجبت الخرطوم العظماء من رجال الدين الاسلامي والخبراء الأكاديميين الذين ساهموا في تشكيل نهضة السودان وقدموا اسهامات علمية لدول خارجية لاسيما في مسائل الاقتصاد والسياسة والمجتمع
الخرطوم مدينة لكل السودانيين بلا أدنى شك هذه الحرب التي أجبرت ملايين من سكان العاصمة المثلثة إلى النزوح والفرار نحو مناطق تعتبر أكثر أمانًا داخل السودان وملايين آخرون لجأوا إلى دول الجوار وهؤلاء وإن يكن أكثر الذين نجوا من جحيم الحرب لكنهم عانوا من صعوبة الرحلة وجحيم الغربة وتعرضوا لظروف إنسانية قاسية خاصة الذين إلتجأوا نحو معسكرات ومخيمات اللاجئين.
عاش الشعب السوداني في حالة عزلة عن العالم الخارجي بل عاشوا المواطنين في عزلة عن منازلهم وأهلهم وأبناءهم وأحباءهم عامان من الحزن والموت والعذاب والاعتقال والاذلال خلفًا للجوع والضيق في مناطق النزوح ومعسكرات اللاجئين والنازحين عندما ترى نازحُ من الوهلة الأولى كأنك رأيت مكتوبًا على جبينه ( لاماكن يأويك غير بيتك) هكذا كان يعبر حال النازحين الذين شاهدنا أوضاعهم إبان فترات تنقلهم من مكان إلى مكان بحثًا عن الأمن والاستقرار.
الطلقة الاولى لم تكن في جبين أيًا من عساكر الدعم السريع أو جندي من جنود القوات المسلحة التي تمثل منظمة ومؤسسة الدولة الرسمية بل كانت موجهة تمامًا صوب المواطن السوداني الذي يعمل ويحلم بوضع أمن وليس وضع تحت رحمة العساكر والحماية بفوهة البندقية إن طبع السوداني لا يستحق ذلك
إن صبر السودانيين وحلمهم بوطن ديمقراطي وواقع معافا ومنظومة اقتصادية مستدامة هذا ما يجعل استحقاقيتهم والتمتع بنعمة الأمن وليست الفرار من منازلهم زحفًا وسيرًا على الأرجل بحثًا عن الأمن في مكان وموطن الغير.
السودانيين قدموا الغالي وبذلوا المستحيل وكل الممكن من أجل بناء السودان وطنًا لهم جميعًا ولا يكون لغير السودانيين في جميع الأحوال مهما كانت التحديات نستشهد هنا بشعار السودان للسودانيين الذي رفعه لأول مرة ونجت باشا عام 1917م ثاني حاكم عام للسودان (خلف هربرت كتشنر) ونحن هنا ليست بصدد الغوص من غرض ونجت باشا آنذاك لكن هنا سوف يكون السودان للسودانيين قولًا وفعلًا و قطعًا سيبذل أبناء السودان المخلصون كل الممكن من أجل عودة الوطن إلى حالته الطبيعية وهزيمة كل المتآمرين على وطنهم ووحدتهم حتى ذلك الوقت سوف تعود الخرطوم في أبهي صورة وتصبح مدينة لكل السودانيين مرة أخرى، الظلم لن يستديم والاستبداد يهزمه الوطنيون الذين يدافعوا وظلوا يدافعوا عن الوطن مقدمين أرواحهم فداءً في سبيل الحفاظ على وحدة السودانيين والعيش بسلام وأمان، والسعي الجاد نحو بناء دولة العدالة والقانون دولة المؤسسات التي ينشدها كل الحالمين بنهضة السودان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
_ مقال أصل شعار «السودان للسودانيين » _ د. حسن عابدين_ نشر على موقع الراكوبة_16مايو2013
_ من المقرن ملتقى النيلين بالعاصمة السودانية الخرطوم _ مركز الخليل بن احمد الفراهيدي للدراسات العربية والانسانية _نشر المقال على موقع جامعة نزوي_ مارس 2016م