تسببت حرب الخامس عشر من أبريل 2023م في دمار شامل اجتاح البنية التحتية والبنية التنموية وكل مقومات الحياة الاساسية كما لم تسلم محطات الكهرباء وشركات الانتاج والمصانع والطرقات والمواقع الاستراتيجية للدولة، وأيضًا احتضرت دور البحوث العلمية والمتاحف القومية والأثرية والمساجد ودور العبادة
وجهت بندقية الحرب نحو ممتلكات المواطن بعد أن قضت على كل الجمال الذي شكلته العاصمة القومية التاريخية ومدن السودان الجميلة قضت الحرب على أعظم ما يمتلك الانسان من ارشيف أجداده وذاكرة الطفولة والإرث الثقافي الذي تمثله أسرته وعشيرته فر الجميع من مواقعهم بحثًا عن طوق النجاة أو الموت بعز وكرامة بعيدًا عن عنف الطغاة المتمردين على الدولة وعلى الحياة الإنسانية الكريمة التي أتصف بها وعاشها إنسان السودان في شرقه وغربه وجنوبه وشماله
فوضى وسلطة الحرب خلقت عناصر مدججة بالسلاح ومحتمية بالبدلة العسكرية تحمل صفات المجتمعات الجاهلية الاولى مارست بحق المواطنين العزل أبشع أنواع العنف اللفظي والجسدي انتهكت الحرائر السودانيات بعنف مفرط واغتصبن نهارًا على الملأ لا يجرؤ إنسان أن يواجه ويقاوم هذه القوة العسكرية المتمردة والا الجميع سوف يكون ضحية بدم بارد ولم تأثر الجريمة في سلولك هؤلاء البرابرة الذين قد لا ينتموا في الأساس إلى السودان.
كنا نحسب أن الحرب لم تستمر أكثر من ثلاثة أيام لكن كانت كل التوقعات والتحليلات التي صورها عقلنا حبست في بئر الحرب اللعينة وغطت تراب الأرض بدماء أبناء الشعب الصابر الذي لا يستحق هذا الدمار وهذه الابادة المقصودة والمدعومة أيضًا، الحرب قضت على ظل شجرة المانجو الذي كنا ننام عليه عند ساعات النهار إذ تتسارع خطانا هربًا من جحيم العمل الحر ونأتي لنستغل تلك الساعات لنسترخي تحت ظل هذه الشجرة حيث الشعور الدافئ والجو الطبيعي الجميل بعيدًا عن المكيفات والمراوح كانت الساعات التي قضيناها بالكاد أجزم أنها لم تعوض مرة أخرى إن لم يكن خيط أمل العيش انقطع.
تحولت المدينة إلى بيوت أشباح وامتلأت الطرقات بجثث الأبرياء الحالمين بوطن يسع الجميع وطن تسود فيه العدالة والسلام والوئام، تغيرت ملامح المدينة واستبدلت دور العبادة بسكنات عسكرية نحسب أنها لم تعد صالحة لأي عمل أخر واستبدلت المدارس والجامعات ودور العلم بمخازن للذخيرة وتخزين المعدات العسكرية ومن الطبيعي أن يفعلوا هؤلاء القتلة الجهلة البرابرة ليقدموا إلى تحويل منازل المواطنين إلى أماكن للاعتقالات والتصفيات والمحاسبات غير الشرعية التي طالت الشرفاء والأبرياء ظلمًا وحقدًا على الدم السوداني.