حين تُحِبُّ الأنثى رجلًا بصدق، لا تعود كما كانت... تتحوّل من امرأة إلى وطن، ومن أنثى إلى نبعٍ لا ينضب من العطاء. تراه شيئًا أعظم من الرجولة، تراه أمانًا حين تتعب الحياة، وسندًا حين تثقلها الأيام.
تكبّره بعينيها قبل كلماتها، فتصير نظرتها إليه دعاءً طويلًا بالنجاة. تشعر نحوه بالسكينة التي لا يزرعها إلا رجلٌ اختار أن يحتوي لا أن يُخيف، أن يطمئن لا أن يُقلق. تغدو معه طفلة، لا تتصنع القوة، بل تترك لبراءتها أن تُحاوره، وتحكي له كل ما يخطر في قلبها دون قيد، دون حساب، دون خوف من أن تُساء فَهمًا.
هو صديقها، مُخبئها، ظلّها الحنون... لا تسعى لتجميل الكلام أمامه، بل تُطل برُوحها العارية من الزيف، لأنها تعلم أن ما بينهما ليس علاقة كلمات، بل علاقة أرواح.
الصراحة بينهما ليست حادّة، بل نبيلة... إن اصطدما، اصطدما بمحبة. يعلو صوت الاختلاف أحيانًا، لكنه لا يجرح، لأن كليهما يُدرك أن القلب أغلى من الرأي، وأن الحب أسمى من الجدال. في كل خلاف، بحث عن فهم، وفي كل حوار، سعيٌ إلى اللقاء في منتصف الطريق.
تدعوه في قلبها... بصمتٍ لا يسمعه أحد. تهمس باسمه مع كل لحظة عرف فيها كيف يكون رجلًا يُحتذى به:
حين وقف معها في الشدائد كأنه جبل لا يهتز.
حين أنهى الجدال بابتسامة، لا بكلمة موجعة.
حين قرأ تقلباتها النفسية بلغة لا تُدرَّس، بل تُحَس.
حين رأى وراء غضبها قلبًا مثقلًا، فاختار أن يربّت على الوجع لا أن يُؤنّب الانفعال.
في عينيه، ترى الرفيق الذي يُشبه الدعاء المُستجاب، لا يتواطأ مع الحياة ضدها، ولا يتركها وحدها في وجه الرياح. وحين تُحبه، تُكرّسه مَعلمًا في حياتها، تُحافظ عليه، تُغلق دونه الأبواب، وتمنحه مفاتيحها.
هو قبطان سفينتهما، يُحسن الإبحار وسط العاصفة، يعرف أن الخصوصية مقدّسة، وأن أسرارهما ليست مادة لحديث المارّة. يغلق عليهما المسافة، ويصدّ عنهما ضجيج العالم، ويجعل من يده مظلّة، ومن قلبه مأوى.
وحين تُحبه... تكبر به، لا عليه. ويكبر بها، لا بعيدًا عنها حتى وإن طالت المسافات . يمضيان معًا لا ليعيشا فقط، بل ليصنعا حياة تُشبههما، صافية، عميقة، صامدة في وجه الزمن.