جلسا ينظران إليه وهو يصل الأسلاك بجواله واللابتوب ثم بشاشة التلفاز المعلق على أحد الحوائط في غرفته.
كل شيء يعمل بصورة جيدة. اضيئت الشاشة و أطل عليهما منها لكنه لم يوجه رسالة أو حتى ينظر إلى الكاميرا. كان كل شيء يبدو اعتياديا. هو يتحرك في غرفته ويقرأ ثم يستلقي على سريره و اذا به يتذكر شيئا فيذهب إلى خزانته ويخرج منها بعض الكابلات ظل هكذا لحظات كمن يسجل يومياته لتلفزيون الواقع. ثم فجأة حدث ما لم يتوقعاه و أثار جنونهما وزاد من التوتر والقلق في نفسيهما. بدأ فريد في التحدث إلى كائن غير موجود كائن غيبي غير مرئي. قد يكون مشهد تمثيلي يؤديه لإحدى مسرحيات النشاط المدرسي فهو يحتاج إلى تقييم عال يساعده في الدخول إلى الجامعة العام القادم. صمتا قليلا... هل يعقل أن ما حدث منذ فترة بعيدة تكرر مرة ثانية.
و قبل أن يصلا إلى إجابة واضحة بدأ مشهد تمثيلي آخر أمامهم ثم ثالث ورابع حتى صاروا يخطئون العد. التوقيت المدون على الشاشة يشير أن المشاهد كانت أحيانا متعاقبة أو متفرقة على مدار أيام و أسابيع لكن يجمعها أمران... البطل فريد و أنها تقريبا في نفس الساعة.
طالبته أعينهم بتفسير لهذا الغموض و استنطقته بكل عطف و قلق.
قال دون مقدمات: الأمر الذي حدث في الماضي لم يتوقف عند أول مرة كما ظننتم. بل تكرر مرات كما رأيتم. و كأنها نوبات هلاوس تجتاحني أشعر بكل لحظة فيها و أعي الأحداث خلالها. لكن لا سيطرة لي على الامر وكأن ما يقال وبحدث يفعله غيري رغما عني. هي نوبة تستغرق دقائق معدودة ثم تتلاشى و تنتهي لكن لها آثار تستمر لساعات. ما استوقفني هو نفس ما استوقفكم و رأيته في أعينكم. نعم ملاحظتكم جيدة و صحيحة أيضا .أيقنت مرة بعد مرة أنها تتكرر في نفس التوقيت و كأن أحدا من المجهول يبعث لي برسائل و ينبهني بتكرار الموعد ذاته. راودتني فكرة اعتقد أنها أفضل ما ألهمني الله به ان اسجل هذه اللحظات حتى اتعرف عليها و ادرسها و احاول فهم ما وراءها وبالفعل كنت أعد التجهيزات والتوصيلات قبل الموعد بساعة . أول مرة كنت أخاف أن استرجع الفيديو المسجل كانت رهبة غريبة تتملكني. ثم اعتدت ذلك. ولم يعد يرهبني.
بعد دراسة متأنية لكل ما يحدث أحلل الكلمات والحركات و أعيد المشاهد وادرس التوقيت.
توصلت إلى عدة نقاط أصبحت واضحة جلية أمامي الآن ولم تكن كذلك من قبل. فكل شيء في البداية كان غامضا.
كانت كل العبارات والجمل تمثل إجابات و ردود فهي رسائل لاشك في ذلك و أحجيات معكوسة. اذا عرفت الإجابة تعرف السؤال. دائما أقول مساء النور مما يلفت النظر بشدة إلى التوقيت.
لكن كان هناك ما لم أجد له تفسيرا. في كل مرة لغة الجسد عندي لا تختلف. اتحرك بنفس الطريقة ألمس رقبتي من الخلف للتركيز للبحث عن إجابات. بالفعل هي طريقتي فهذا أنا من يتحرك رغم أني لست الفاعل أو القائل. و كان ظهري يؤلمني بشدة بعد كل مرة. و أردد كلمات غير مفهومة في بعض الأحيان. كما أني لا أعلم سر هذا التوقيت.
قررت اللجوء إليكما في النهاية بعد أن قضيت شهورا في محاولة تقبل ما يحدث و فهمه وتحليله. أخفيت عنكما كل ذلك حتى أصل إلى أي نتيجة دون إخافتكما فقد أجد عندكما ما عجزت عن حله وفهمه أو قد يتطلب الأمر الذهاب إلى طبيب نفسي. لكن عندها ستأخذ الأمور منحى آخر.
إلى أن حدث مالم أكن أتوقعه فلم يكن هناك بد من ان نجتمع سويا لأخبركما بكل ما حدث..
إلى اللقاء في الجزء الثامن