مرت سنتان كاملتان لذكرى هذا اليوم ..
ذكرى الانطلاق نحو الحياة ..
يومها لم يكن ركوبي السيارة نحو الطائرة ماقد آلم قلبي . بل ترك طفل ذو ثلاث سنوات خلفي...
حلمي وعشقي كان الغربة مذ خلقت كنت غريبة..
حكمت علي عائلتي أن أكون بلا أصدقاء ..
كنت أرسم الطيور وأتمنى لو أمتلك أجنحة ..
أنا الفتاة الوحيدة بالعالم التي كنت أحلم أن أستيقظ ولا أرى عائلتي ...
فتزوجت ... ولم أستطع النجاة .. بل زاد الأمر سوءًا ..
كنت أعيش اغتراب داخل اغتراب .. حزن دفين يسكن قلبي ..
جلست لوحدي ليال طوال .. نخر الجوع بطني وعقلي ..
وقفت أمام واجهات المحال أشتهي كل شيء ..
ثم قررت أن أنام فقط .. لذلك كانت ساعات نومي تتجاوز ١٩ ساعة وتزيد ...
حلمت عندما كنت في الثالثة عشر من عمري أن بلدي يتحطم والأبنية تتهاوى ... فقلت لن أكمل في هذه البلاد ..
ثم تحقق الحلم .. وحين تذكرته .. تذكرت أن علي السفر .
بقيت أحاول منذ كان عمري إحدى عشر عامًا .. وكل فرص السفر وأدتها عائلتي ... لأن الفتاة في البيت الذي نشأت به .. لاتخرج من بيت أهلها إلا لتتزوج .. فتزوجت ...
وطيلة فترة الزواج كنت أحلم بالسفر .. أعرف أن هذا جسر اتخذته للسفر ..وإنني سأحطم هذا الجسر وهذه الأغلال ...
ومنذ سنتين وأنا أصعد الطائرة تذكرت كل تلك الرحلة . استهلكت مني ٣٢ عامًا... نصف العمر لو كتب الرب لي عمر ال٦٠ ...
كنت أبكي ابني فقط .. الذي أحضرته بعد عامين ..
الآن أدرك أن ربي الإله ..
أنقذني وأعطاني الحياة التي حلمت بها ..
وطن حقيقي ..
مع ولدي نعيش بأمان ودفء... دون أن أكترث للبشر...
أدرك أن ربي سيعطيني أكثر .. فهو أراني رؤى عديدة..
عن شاب جميل وبنت .. وبانتظار المستقبل أخلع الماضي بمن فيه كمن يخلع جواربه الممزقه .. في القمامة ...
أتذوق طعم الحرية ...
أسمع الموسيقى وأعمل .. وأغني للحياة... وأفرح
أشكر ربي في كل لحظة ..
لأنه سمع صوت بكائي .. وأنقذني بمنامات تطمن قلبي ..
لأنه وضعني في عينيه وقلبه وقال لاتحزني يابنتي ..
ولأني آمنت بإلهي .. حصدت ماوعدني به ..
نعم كل الناجين خلفهم قصص من الأفضل ألا تعرفوها ..
لكنني بالذات سأدون قصتي كاملة في رواية ..
ولكن ليس الآن وقتها ..
مازالت أمامي مراحل لا بد أن أنجزها بعون الرب