لم تكن (الغالية ) لتكون وحيدة كل هذا الوقت ، رغم ذلك فإن وحدتها أبدية .
الوحدة في مفهومها عندما تموت كلمة الحب .
:::::::::::::::::::::::::
( محمد ) هو مفكر ، ومخترع ، ومبدع بينما الغالية مخادعة ، نافرة لكنها مفكرة أيضا .
إنهما يتفاهمان جيدا ، ويعرفان كيف يدهشان بعضهما البعض .
فالحب هو عندما تنسجم وحدته ووحدتها حد الارتجاف .
::::::::::::::::::::::::
(محمد )يعتمد على نفسه ، ولا يريد أن يكون عاملا أو مهنيا .
و ( الغالية ) لا تحتاج إلى أمن أو أمان فقد أصبحت متوحدة بوحدتها ولا تحتاج إلى الاختلاط بأي شيء أو أحد آخر .
إنها تتشبث بنفسها داخل وحدتها وتعتبر ذلك قوتها ،
فالحب بالنسبة لها لما تتكامل وحدتان دون أن تلتهما بعضهما .
::::::::::::::::::::::
( محمد ) معجب ب (الغالية ) بصورة عادية ، مع ذلك ، يريد أن يحدد موقفه من المسألة برمتها ، لكنه لا يهتم ، ولا يبحث عن ( الغالية) التي من جهتها لا تخضع كثيرا لإعجابه بها بسهولة كما خيل له .
الحب هو لما تتعرف وحدتان إلى بعضهما لدرجة تبادل القبل
(الغالية )لم تعد ترغب في أحد ، وقد ارتاحت نفسها إلى أنها غير مرتبطة بأحد .
إنها تمر بالشهور ، والأسابيع ،والأعوام ، قوية ، خفيفة ، واعية أنها محظوظة فقريبا سينتهي هذا العالم الذي تعيش فيه .
إنها تحمد ربها أنها لم تتزوج ولم تنجب أي أطفال .
الحب هو عندما لا يمسك أي شيء في وحدتك .
::::::::::::::::::::::
الخريف يلتهم كل يوم ، مغيب شمس جديد .
( الغالية ) تقبلت أخيرا كونها عانسا ، تقول لنفسها دائما ، إنها مرحلة ستمر وأنه من واجبها أن تتقبلها كما هي .
فلا يجب أن تصارع الحياة من أجل أحد ما ، وفي الأخير ينكسر قلبها .
( الغالية) واقعية جدا وخضعت للأمر دون غضب ، فليس أمامها خيار .
الحب في نظر ( الغالية )هو أن تنصاع لجنون الواقع الذي لا خيارات معه .
::::::::::::::::::::
تشعر ( الغالية) بمرارة في فمها ، وبعطش وتيبس في حلقها ،
لديها مذاق الجنازة في فمها ، إنها قصة كدمات ، قلب مليء بجروح الحياة والواقع .
( الغالية هي امرأة مثل الأخريات اللواتي دحرجتهن الحياة ككرة ، ومع ذلك من الواجب عليها أن تنهض من جديد .
إنه أكتوبر تقريبا، وهي تمطر في قلب (الغالية )، ليس هناك أحد ، وليس هناك من أحد سيجعل قلبها ذاك يدق ويخفق أو يجعلها ترغب في الحياة من جديد .
وجاء مارس وتقدم ( محمد ) لطلب يد ( الغالية ) وهو جالس إلى جانبها، لم يتحرك ، لم يأخذ يدها بين يديه ، لا شيء ، لم يلق إليها ولو بنظرة.
كانت وحدته تطبق عليه .
هي أيضا لم تتجرأ على الحركة أو الكلام ، ولم تنظر ناحيته أبدا .
تنهد ( محمد ) وقال لها أخيرا :
ــ أحبك ، لكن لا أرغب بك .
الحب هو عندما تسيطر عليك الوحدة وتفوز أمام الرغبة .
::::::::::::::::::
( الغالية ) كانت تتفادى النظر إلى ( محمد) ، كل ما حاولته في سبيل ذلك ضاع بين ثنايا وحدتها ، والواقع أعمى عينيها .
على كل حال يجب عليها أن تنضم إليه قصد النوم.
على جانبها من السرير كانت تفكر :( كيف قبلت الزواج منه ؟ كيف ؟) وظلت تفكر كثيرا إلى أن غلبها النوم ، فأقنعت نفسها أنها ستمضي هذا الشق من حياتها مع الخريف ، الخريف الذي عاد يزفر برياحه في الخارج وخريف عمرها
نامت وهي مقتنعة أن فصل الحب مات ودفن .
في الصباح ، وهي متعبة من التفكير ، تبادر إلى ذهنها أن (محمد ) ليس له نفس الوجه ، فهي لم تر فيه الرجل الذي تستحقه بل فقط وظيفته كرجل إلى جانبها ، فليس حبا أن تحاول ملأ فراغ حياتها .
لكن قلب الغالية الذي أتعبته الوحدة ، أخذ يهفو إلى الابتعاد عن التعقل وخرق كل القوانين التي وضعتها لنفسها والبدء بالجنون .
( الغالية ) أخذت تفكر في طرق أخرى للتخلص من قيود هذا الزواج الممل .
إنها تتعذب بأفكارها ، وبابتعاد ( محمد) عنها وانغماره في وحدته .
يجب أن تتركه وتهجره وتعود إلى نفسها.
خوف أزرق يجتاحها وهي تنظر إلى نفسها في المرآة .
وهذه الوحدة التي تتوالد فيها من أجل العيش وتلازمها.
إنها شرخ كبير عميق تراه أمامها في التجاعيد التي غزت وجهها ورقبتها .
يجب أن تطبق ــ هجرة الحب والعودة إلى الوحدة . ــ
::::::::::::::::::
(محمد) لم يعر أحاسيسها أي اهتمام ، كان مؤمنا نفسه داخل وحدته ، فمشاعرها وأفكارها لم تستطع أن تخرق جدار وحدته .
لذلك كان رد فعله عاديا ، لما أخبرته أنها سترحل .
(الغالية) نادمة ، لم تعرف كيف تعوض الوقت الذي قضته إلى جانب محمد وكل واحد منهما كان يغرق أكثر فأكثر في وحدته .
لم تستطع أن تعود إلى وحدتها الكاملة والتي كانت تستمتع بها فيما مضى .
كانت غالبا ما تفكر في بداية المساء ، وفي لحظاتها الجميلة معه أمام كوب الشاي .وفي اللحظات التي كانا يتنزهان فيها معا .
بعض الأحيان ، تجتهد ( الغالية ) تشجع نفسها ، تسابقها ، تلاعبها ، تتساءل ، تكلم نفسها بصوت عال ، تنادي نفسها :
ـ هيا يا ابنتي ، هيا يا ابنتي ..
أغلب الأحيان تستعمل عبارة :
يا عزيزتي ( الغالية ) فيم ترغبين ؟ قولي ؟ لا تخجلي ...
إذا لم تهتم بنفسها فمن سيقوم بذلك ، هي متأكدة أ لا أحد سيفعل .
انتقلت ( الغالية) إلى مرحلة أخرى من الحب هي حبها لذاتها .
الحب هو أن تحب نفسك بنفسك .