أتت صديقتي ( حورية ) إلى بيتنا كما كانت عادتها أن تفعل بعض الأحيان ،
رجوتها ألا تذهب إلى بيتها وأن تبيت اللية معي في منزلنا ، لنمرح ونتكلم بكل راحة في كل شيء يخطر لنا .
هي تعرف أنني أخاف الظلام كثيرا ،ورغم أن والداي اقتنيا لي مصباحا إلا أنني أنسى أن أشحنه فلم أكن أستعمله أبدا .
كنت كلما أردت استعمال الحمام ليلا ، كن أجعل أختي حليمة تستيقظ لتذهب معي ، خاصة وان بيتنا كان كبيرا وواسعا وكنت أخاف من السير في ردهاته ليلا .
هذه الليلة أختي ( حليمة) لم تكن موجودة في البيت .
عند الساعة الثالثة ليلا استفقت من نومي وأنا في حاجة لاستعمال الحمام .
فكرت أن أجعل صديقتي حورية تستيقظ لتذهب معي ،
وهكذا قمت من على سريري ودخلت غرفة الأصدقاء من الباب الموجود في الجدار الذي يفصل الغرفتين والذي يصلهما بعضهما البعض .
وقفت قرب سريرها ، وناديت باسمها عدة مرات ، بصوت خافت لكنها عندما لم ترد علي ، اقتربت منها وضربت ضربات خفيفة على ذراعها بأصبعي .
استيقظت وفتحت عينيها في الحال ،وهي مبتسمة .
لم تكلمني أبدا ولم أكلمها ، أشرت لها برأسي أن تتبعني فقط .
في الردهة المؤدية إلى الحمام ، كانت ترقص بذراعيها وهي تغني بصوت خافت أغنيتنا المفضلة للمطربة ( وردة الجزائرية ) ـــ( بتونس بيك ...) .
كان ذلك مريحا قليلا ، حتى أنني في طريق العودة غنيت معها ورقصت أيضا .
دخلت سريري للتو ، ونمت دون تفكير في كوابيس الظلام .
في صباح الغد ، استيقظت على صوت والدي المرتفع وصوت والدتي وأصوات بكاء أخرى .
قفزت من سريري في رعب ، دخلت غرفة الأصدقاء من نفس باب الأمس .
وجدت عائلتي وكذلك والدي صديقتي حورية ، وقد وقفوا غير بعيد من سريرها ، وكان هناك رجال شرطة أيضا .
خفت كثيرا وأصابني هلع شديد وخنقتني الدموع وأنا أندفع وسط الجميع لأقف مشدوهة أمام جثمان صديقتي التي كانت ممددة على ظهرها دون حراك وعيناها مفتوحتان ، مسمرتان على سقف الغرفة وعلى وجهها نفس ابتسامة الأمس .
كان انتحارا ، هكذا قال الطبيب الشرعي .
وكانت ساعة الوفاة هي الساعة الثانية والنصف ليلا أي بنصف ساعة ، قبل أن أجعلها تستيقظ لترافقني إلى الحمام .