أخشى عليك من جحيم فوضاي، ورياحها الهوجاء التي تأخذ في طريقها كل شيء.
أتريد أن تأخذك الرياح الأبدية، الدائرية، الفوضوية؟
إنها مني وهي لا رحمة لها.
الأحاسيس زوابع، و الحشا مغاور،
والنظرات خشوع الجبال،
والبسمات شلالات رعناء، طوفانية، متدفقة، في عنف وفوضى.
السماء معتمة والسحب سوداء همجية، وقطرات الأمطار كالسهام تتخلل أرضك،
والمساحات غابات من أشجار المشاعر الملتوية المتكاثفة كالأفاعي.
الأعين ترمي بأشعتها بعيدا.
شيء يخرق السماء كـأبخرة جهنمية،
اللمسات ضباب أبيض متقيح، كثيف كحجاب،
وستار من الآلام والأحزان تراوده بقايا دموع غامرة لزجة ملساء،
والحاضر حارس تتطاير من عينيه الكبيرتين المخيفتين، الحمراوين شرارات من لهب أرجواني، ونار حارقة، أريد أن أشعل شموع يأسي لأتبين الطريق، لكنه مهزوز،ملتوي، خائن، يخادعني كالحية الرقطاء.
في الليل، نظري يتلاشى بين حبات الظلام، فلا أنام.
أحاول أن أشعل شموع فرحي، تطفئها الرياح الهوجاء التي تتناثرني كالهباب، ربما في يوم القيامة، سأهادن الرياح الأربعة المجنونة بحبي وأتمكن من العيش في الحاضر المريب.
أفراح الرياح تحاول أن تقترب من نوافذي المكسورة، لتجعلها تصطدم بجدران الحياة، أنظر إلى الجدران أصبحت حطام، أنا لا أنام!.
أجري في الاتجاه المعاكس، يتبعني نهر حياتي الفوضوي العارم، تنبعث منه حيوانات خرافية ذات رؤوس عدة، تتوالد مع كل خطوة من خطواتي، يا ويحي.
إذا أخافتك أمواج نهر حياتي العاتية، فأنا سأركب تلك الأمواج الحمقاء، وسأروض تلك الحيوانات الأسطورية، وأعيش على ظهرها ذي الزعانف المسننة وكأنني اقتلعت من أرضي !.
هل أكلمك عن حلمات تلك الحيوانات التي يملؤها الصديد الكريه ودم متجمد، يسيل من أثدائها النتنة، ويجري في مجرى نهر الحياة اللعين الذي لا يهدأ؟!
هل أحدثك عن هذا الإحساس بالقلب المضغوط والنفس المقبوض؟ والروح المتكسرة، كما لو أن فراغا هائلا يحفر داخلي وكأن المجهول سيظهر في الحال؟!.
ولا أنام !.
على أي حال أن أعيش يعذبني فعلا.