هل تتملكك الرغبة ، أم أنك تحبني أم كنت تنشدني أم كانت كل تلك الأشياء فيك ؟
لا تفزع ، إن الأسئلة لعنة وقعت علي منذ البدء .
لا تنس إنني امرأة مغربية ، مغتربة ، غريبة ، مارقة ، موسومة ، متحجرة ، كئيبة ، مخدوعة ، مقهورة بالسائد والعادي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينسج الناس كالعنكبوت حولنا يا عزيزي ، عادات ، تقاليد ، مجاملات ، معاملات نمطية ، مغمسة باللامبالاة ، وأنا لذلك ، أحس بالحزن والغربة والصمت ، الصمت ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربما أحلم أكثر مما ينبغي ، أو أتكلم أثر مما ينبغي ، أو أغترب داخل الحديث وداخل نفسي ، وحدي إلى ما لانهاية ، لكن حنوك الدافئ كان يشعل المكان وكانت غرابتي تبللني ، ورائحة اللهفة تغمر أنفي ،
وأحاول دائما أن أبقى شامخة ، أتوغل أكثر في أحلامي وغربتي ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترقرق بريق في عينيك وكست صدغك حمرة وأنت تطلب مني أن أتركك تحبني فقط ...
وفي ذلك الزمن الضيق بدا كل شيء وكأنه يضيق حولنا ، لكنني افتعلت لعبة الغرابة التي تطغى علي في مثل ذلك الموقف ، لست أدري أ من فرط الملل أم من الانتهاك ؟ لست أدري ..
في كهف نفسي المقفر ، لم يكن هناك شيء سوى بريق عينيك المتغلغل في ، كتيلر كهربائي ، زكانت وحدتي ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل أحبك ؟
قلبي مرهف ونظراتي تخترق كل المسافات ، كل السراب والمدى تبحث عن ملامحك في ذهني ، متعبة تعود لتختفي تحت جفني وتعلو ابتسامة مقصودة شفتي ..
في الذاكرة شبه وميض خفاق ينبئني بك تحاول أن تخترق وحدتي ،
بعبودية أتملاها داخلي ، وثابة ، منتصبة ، ممزوجة بأنفاسي ، معجونة برائحتي ، تواقة ، هلامية ،
وأحزن إذ تتعثر وحدتي بابتعادك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع الأيام التي مرت ، كالألام ، كان حضورك يحفر ذاكرتي .
في كل الأيام كنت كشجرة في خلاء ، وكل الناس كانوا كريح عشواء ، وأنا في مهبها ، وحيدة ، منفية ..
ولأنني صممت أن أواجه كل الرياح ، صمدت ، رفضت ،عبرت ، وضحت ، لكن الحقيقة كانت تائهة ، حزينة ، بعيدة ، ولأنني قررت أن أتوحد مع نفسي ، كانت الحياة تتسلل وتفر بعيدا عني ..
واليوم جئت ، تحاول تسلق هذه الشجرة المعاندة ،
فإذا كنت مرائيا ، كذابا ، فاذهب بعيدا عنها ، اذهب واندثر ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغلف عيني بشعاع بليد ، حتى لا تفتضح نظراتي العميقة ، وبوله يحاولون اختراق شعاعي الواقي ، واسخر من حمقهم وأمتد داخل نظراتي ..
وأتذكر صخور الإحباط الناتئة التي تحطم عليها جسدي ونفسي وأنا أحاول الوصول إلى هذه القمة الملعونة
وعلى وجوههم أقرأ الدهشة والخوف وفي عيونهم شك قاتل :
ـــ ( من أنت؟) .
ـــ أنا الراكضة اللاهتة في زمنكم الردئ ..
ـــ أنا الباحثة المطاردة لأهوائكم البالية ..
ـــ أنا القريبة البعيدة ، عن مراكبكم المسعورة ..
ـــ أنا كلمات قليلة منبوشة في أعماقكم ..
ـــ أنا حياة يحلو لها ركوب ظهر الجنون والمجانين ..
ــ أنا جسد وروح فلم تريدون دائما تغيب الروح ..
ـــ أنا التي تحتضن المتاهات المعتمة ، وأعرف ، أنكم لا تصدقون أن الأنثى تنسكب في أغواري ، في حركاتي ، على أحزاني النائمة ، وأعرف أن الشك يخرج من ملامحكم ومن كل قطعة من أجسادكم ومن أناملكم ،
ـــ أنا لحظة الفرح المباغث ، أنا عيون المسرة وزهور الانتشاء وآذان الوجد ،
إنني الحب ، إنني الحب ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد تكون عرفت أن عيني الكبيرتان هاتان ، مضاءتان بالضجر ، مظللتان بالملل ، نظراتهما تقتاتان بالصدمة، بالخيبة،بالغموض والغربة والوحدة .. الوحدة ..
يوما ما ، كانت نظراتي مضاءة كالاشتياق ، تبرقان باللهفة والانعتاق،،منفتحتان ببراءة على الحياة ،على السلام ، على كل الأمان .
يوما ما ، كنت أمسح بنظراتي الثابتة كل الأشياء ، بكل الحب،بكل الشوق،و التوق .
يوما ما ، كان الشرف والحياء والخفر والكبرياء والطهر والنبل ينبع من عيني ،
واليوم يا صديقي ،هاأنا أغسل عن وجهي القاحل آثار شياطين زرعت عليه الشوك ، وهأ أنا أضع على عيني حاجبا من زجاج لكي أخفي كل خيباتي المتوغلة المحفورة في أشعتهما.
اليوم ، أصبحت أتلصص من وراء ذلك الحجاب إلى الأشياء في بطن الغرابة ، والمستحيل ،وفي عمق الوحدة الفسيحة في مرمى السؤال المظلم في عمق المغارتين اللتين أصبحتا بدلا لعيني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا شك أنك تتفق معي أن الرجل في بلدنا مهما حاول أن يظهر تحرره وانعتاقه من قيود التقاليد وعبوديتها ،فهو في نهاية المطاف ، يريد المرأة لنفسه ، يريدها أن تكون طاهرة بريئة وأن يكون ماضيها نقيا كصفحة بيضاء ، وأن تخضع له وتطيعه طاعة العبد .
إنها فكرة تاريخية ، توارثها الرجال عن الآباء والأجداد ،إنها فكرة الطغيان ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيني وبينك تنتصب هذه الساعات ، من هذا الزمن المسنون كحد السيف،تفصلنا ، فلا أستطيع أن أغرق في نظراتك المغلفة بالاهتمام ، يمتصها الهواء ، يطغى عليها صمتك،شعاعك الأزلي ترسله أودية وسفوح صدري ..
هل أكون أصغر من الحياة ؟ هل أكون أضعف من هذه الدقائق والساعات وهذا الزمن بيننا وهذا المكان ؟
هل يمكن أن تطاردني هذه الحياة وكأنني قطار عابر على محطات لا يخلف وراءه سوى الدخان الوحيد المبدد في الفضاء والصفير الحزين وكأنه أنفاسي وأنيني المستمر في ذاكرتي ؟





































