هل تستطيع أن تهدم هذا الجدار الكبير الذي ساهم في بنائه داخلي ، كل محيطي ، وهذا القدر اللعين الذي أرفض وكل أوهامي والصدوع الداخلية ؟
ففي كل هذه الدقائق والساعات التي تمر بي أتساءل :
كيف أنجو من هذا الجحيم ؟
وفي تلك اللحظات رجل قوي يرد أن يزيل عني الأصفاد ويزيح بالقيود وينير ذاكرتي بنور وقاد لا ينطفئ .
ذلك لم يكن حقيقيا ، كان في مخيلتي فقط ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنني أعتقد أن جل الرجال طغاة ..
وإنني إذ تبددني هذه الفكرة وتمرسني بكل أنواع العذاب والانتهاك ، أشتهي أن أتكون من جديد ، ويعاد خلقي على يد رجل ليس بطاغية ، ولا يرقد تحت أدران قومه ، يغطي نفسه بطبقات الثلج الصلب القاسي العنيف ، البارد ، الجارح ، الجارح ..
أريد أن أكون إنسانة تبني كونا جديدا مع رجل إنسان ..
لشد ما أشعر بالمرارة وأنا أتذكر أن هذا أشبه بالمستحيل ، شبيه بحلم أسطوري ..
ولشد ما أشعر بهذه الفكرة ذاتها تحفر داخلي ..تضربني بلا شفقة على أحاسيسي ، فتفقد=ني الصواب ..
وكانت زفراتي تنفلت مني كرد لا شعوري وتكسو غلالة الألم ملامحي .
إلى متى هذه الأيام الممضة ،بالنفي والتعاسة والعزلة والتشظي .
لابد أنني أعذب نفسي دون جدوى ، في هذه الحالة الخاصة والصعبة ، وفي خضم هذا التفكير الملح ، اضطررت أن أبتسم بلا مبالاة..
وفي زحمة طغيان ذلك الشعور القاهر وجدتني أرمي بهذه الفكرة بعيدا في مجاهل غربتي ،
وأنظر إليك نظرة أعطبها الموقف ، وكأنما كل الأمر إنما هو نكتة طريفة .
ومنذ ذلك العصر الملحمي ، بارتساماته وتلويحاته التي امتدت في ، لازمني شعور كسيح :
( أن أحبك ، ربما ... لكن أن تحبني أنت فهذا ما بدا لي كالماء يعصى علي الإمساك به ..)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنا أحدثك عن غربتي ، أشعر أنني منفية أكثر ، ولا سبيل إلى إخراجي من منفاي ..
ويركبني لذلك كله هاجس رؤيا ك ..
كنت خلال هذه الأيام لا أتوقف عن الحركة ، وكأنما تسكنني جن الأرض والسماء ، أحاول بذلك تجاهل الهاجس في أن أرى تعابير وجهك ، هل ما تزال تريد أن أحبك ؟
كنت أريد أن أخلق برؤيا ك توازنا بين أفكاري المتوهجة المتسارعة وبين انفعالاتك وموقفك .
هل كنت ستصمت ؟ لاشك أك كنت لتصمت ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي ضيق وأية تعاسة ، وأي هاجس ينتمي إليك سكنني ، اجتاحني ،
هل أنت صادق ؟ أم كانت فلتة ، مغامرة صغيرة منك؟
حينما لا تأتي ، أشعر حينئذ بعري ، بعهر كبيرين .
أحس حينذاك ، أنني متى رأيتك فإنني لن أستطيع أن أنظر في أعماق عينيك ..
أخاف أقصى الخوف من ألا أجد في طريقي غير نظرات ممرغة بالسخرية والخيانة ..
لماذا أنت بعيد عني ؟ أين أنت ؟ وفي أي مكان ؟ لماذا تفصل بيننا كل هذه الترهات وسكين هذا الزمن ، حتى أتمكن من أن أرتاح إلى حبك ، وأرى النقاء على ملامحك ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ظلينا يسيران أمامنا دائما ، بهدوء ودعة واطمئنان ..
في لحظة من ذلك الزمن ، وفي مكان ما ، ومع خطوة من خطواتنا المتوحدة مع بعضها ،
نظرت إلى ظلي ،
وأدركت أنني كنت منذ أؤمن بظلي ، أدركت أن نفسي ، ظل ظلي ...
ونظرت إلى ظلك ، فرأيت نفسي،
هل كان حقيقة ما رأيت ،
أم كان أضغاث أحلام ؟
وجاء صوتك ساطعا ،كما الأضواء الملونة المسلطة على فضائحهم من أعلى تلك الشجرة البريئة الحزينة على أوراقها ، المحترقة باللهيب الأحمر ، الأصفر ، الأخضر ، كاشفا قرار ظلي الأسود ، على الأسفلت الأسود ،
قلت إنك مرتاح لأفكاري ..
فجأة تمدد ظلي أمامي ،
ابتسم لي بلطف ،
هل وجدت شبيهك إذن ؟
كان مجرد سؤال صدر عن ظلي سهوا ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحتضن سمعي ، اليوم صوتك القوي، الأجش عبر أسلاك الهاتف ، فتمدد جسدي الذي تعود على الانكماش والتكوم ، كما لو أن حرارة تخللته أو دفئا انبعث فيه ..
لم أستطع أن أضع سماعة الهاتف ، لم أكن أريد أن أعود إلى وحدتي الخالدة الأبدية والقاسية ..
وفاجأتني نفسي ، وهي تسر لي : ( ستولدين من جديد )
وفرت من بين شفتي ضحكة صغيرة ، ضحكة استهزاء وسخرية ،
كيف تستطيع نفسي أن تخون وحدتي ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطيئتي الكبيرة ، الكبيرة يا سيدي أنني أحيغا دائما ملفوفة بالانبهار ،
وأنني مهيأة للعشق ةالحب ..
في النور وفي الظلال ..
وإني يا سيدي ، أعتبر الأشجار ، الأحجار ، الأزهار ، الغيوم ، النجوم ، الكلوم ، اختيارا ، أشعارا ، انهيارا ..
خطيئتي
ومن منا كان دون أخطاء ؟..
أنني أترك قلبي يطير في الوقت الذي يشاء ، وأنسى صقيع نفسي أو أتلافاه ..
وأرمي يا سيدي عقل العقلاء ..
خطيئتي ياسيدي
أن كل قصيدة أعيشها تدمرني عشرين ألف مرة ، وأنا في خطيئتي مستمرة .. بمنطق الصغار
أحضن الأشجار ، نركض في غابات الحب أقدارا ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يقتلك حبي ،
يجب أن تقطع صحاري وبراري وغاباتي ..
يجب أن تكتشف كل مغاراتي وكهوفي ..
وكل مسامي وهمومي ..
وتبعث الحياة في مدينتي
في أسماك بحوري ..
وبمناقير الطيور ،
وتهدم آلاف الجدران ،
فلا تعمير ، دون تحرير ،
حررني من سجني ، من وحدتي ..
ولنتعاطى الشعر ،
إلى حد التدمير ، إلى حد التغيير ،
ولنبتعد عن التفسير ولتستقر الكلمات
في جسدي الصغير ..
ليقتلك حبي ،
يجب أن تصنعني من جديد ،
من مشاعل الحرير ،
والنار والزمهرير ،
من زرقة السماء ،
من الأعشاب الخضراء ،
من حزني المرير ،
وتمسح عني تشوهات وحدتي ،
وسحرها الخطير ،
ليقتلك حبي ،
يجب أن تكون مبشرا ونذيرا ،
وإنني أدرك حينذاك يا سيدي ،
كيف يكون موتك ،
حقيقيا ومثيرا .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنك طفلي الذي جبلت به
في صدري
وترعرع في الدماغ ،
ولما كبر ، وصار رجلا ،
في يوم ما ،
وجدته أمامي ، قويا ..
يحتويني ، يضمني
ولم يكن يعرف
أنه كان يقتات من مشاعري
ويشرب من أحاسيسي ،
وينام متدثرا بأفكاري ،
يلازمني في نومي ،
يكتسحني في صحوي
تردد قليلا ،
مد يده ، إلى يدي
مد بصره في عيني ،
رآني من الداخل ،
وجد مكانه الأصلي ، الآمن ،
فتوحد بي .