وجدت نفسها هكذا ،
دو ن دافع ، وهي من اعتقدت أنها أحسنت اختياراتها .
هكذا وجدت أنها تفقد دائما طرف الخيط ، مستمرة دون هدف ، وإلى الأبد ، وحيدة ، ضائعة ، منهزمة ، تتساءل :
ــ لماذا كان كل ذلك ؟؟ لماذا لم أتمكن من تنفيذ قراراتي ، وتطبيق أفكاري ، لماذا لم أستطع أن أكون مثل الآخرين ، وكما يريدونني ؟؟
الكل يرحل عنها وهو موجود أمامها .
وتتساءل :
ــ هل كانت لدي أحلام يوما ما ؟
ــ هل فعلا أردت شيئا لنفسي ؟
إنها متأكدة أنها التجأت إلى الاختباء في ركن قصي مظلم من هذه الحياة ركن مؤسف ، حيادي ، سلبي ، في فراغ مطلق ،
الماضي يرن في دماغها ، لكن لا شيء يظهر على السطح ، نفس قطارا لحياة ، تعيش فيه طول سنين عمرها ، وهوة عميقة تفصلها عن كل شيء ، وعنه .
وتنظر إليه نظرات جوفاء، فيبادلها نظرات مستغربة ويستمر في ثرثرته التي لا تنتهي .
هل ترمي بنفسها إلى تلك الهوة التي لا قرار لها ؟
هوة الحب ؟ حب ماذا ؟ حب من ؟
لا تريد هي حبا ، كاذب من يقول إن الحب يفرح ، يفتح أمامك سبلا كثيرة .
وجدت نفسها دائما أمام نفس النهاية ، نفس النتيجة ،نفس الهوة من اليأس واللامبالاة والتجاهل .
كانت تسير في مجاهل حياة لا يراها فيها أحد ،ولا تري أحدا .
هناك كلمات فقط ، لا مغزى لها .
جنائز لا نهاية لها ،
وجنازتها شهدتها بنفسها منذ فتحت عينيها على هذه الدنيا ،
موتها لا يفلت يدها ،
على حافة ذلك السطح لتلك البناية الشاهقة ، مدت يديها في الفراغ وقالت لنفسها بكل عزم :
( هيا معي يا نفسي ، قد حان وقت الانسحاب ).