في هذا النوفمبر، لم أعد صورة أصبحت نيجاتيف، إنني أستمع إلى أغاني أم كلثوم منذ فراقنا الحديث العهد.
أبكي عندما أسمع عبد الحليم حافظ ، وخاصة عند ما أنصت إلى مقطع لا أسمع إلى غيره من كل تلك الأغنية التي لا أعرف عنوانها أيضا وهو عندما يصدح بألم : ( بعضي يمزق بعضي ..) فذلك ما أشعر به فعلا .
لقد غيرت من مظهري وبدأت أتدرب على عدة أشغال يدوية،
ربما هذا درامي قليلا لكنني كنت قوية نوعا ما: ( أن يوضع قلبي على الأسفلت وانتظر أن تمر عجلات شاحنة كبيرة عليه، ومع ذلك أظل على قيد الحياة) .
وكان هناك فقط، شعاع ضوء مسلط على مكان الحادث بينما الظلام يعم كل المكان،
ستتفرق جموع الناس، وسيلتقي الحبيبان بعد ذلك ، سيلتقي القلبان .
لون الخريف وعينيه البنيتين وسط الحنان، الصداقة، الحب وكل ما يتمحور حول ذلك.
كل ذلك يحدث انفجارا كبيرا في القلب ، تهتز له دنيا هذا النوفمبر ..
أفكر فيه كجائزة، أفكر في نظراته كهدية يجب أن أفتحها حالا،
أفكر في مشاعره .
أفكر، أريد أن أقول له : ( أفكر).
هناك كل تلك الكلمات التي تهتز، ترن ، تحدث دبدبات غير عادية حولنا عندما نتحدث ، وعندما نصمت، كل ما نظهر دون أن نظهره ..
هل تريد أن نركب البحر ؟
هل تريد أن تقبل زبد الشاطئ وتلمس الأفق البعيد ؟ أفقي ؟
أيها القلب المراوغ، يا من تجعلني أفصح عن الحقائق وأندم على ذلك في اللحظة الموالية ؟
أيها القلب العنيد ، الذي تبكي غيابه وتنشطر وتتجزأ إلى ألف جزء ، وتذبل وتفنى ، كما زهرة في هذا الخريف ، في هذا النوفمبر ..
على كل حال لدي الكثير من الأزهار نبتت على كل جزء منك أيها القلب المحارب المتحدي.
عندما أنصت إلى أغنية الأطلال تتجمد، أيها القلب الصقيعي، لكن على الأقل لن تسيل دموعك المتحجرة.
فكم أنت قوي أيها القلب خاصة وأن الشتاء يتمتم لي أغنية للنوم.
أريد أن أنام، أريد أن أعود إلى حيث مازال النهر يرن داخل روحي وأعرف متى انفصلت عنك ، لأعود إليك ونبدأ كل شيء من نقطة الصفر .
أيها القلب الشامخ ما زلت ترسم على أحلامي أبوابا لرغباتي.
أريد أن يدخل إليك يا قلبي هذا الطريق الملتوي أمامي ويسير فيك.
وأن تنمو فيك تلك الأشجار على جانبيه وتخضر أوراقها.
إنني أحتاج أن تلمسني تلك الأشجار من الداخل وأن تعطيني أوراقها وتختلط وتغرق في.
لكنني أحس فقط بالبرد الشديد هذا المساء.
إنني فخورة بك أيها القلب، فإذا نجحت في أن تعيش ليوم واحد فقط
سأشعر بدقاتك ، فذلك يكفيني منك .
فتمهل أيها القلب الجارح ،
لا تفكر فيه للتو ، فأنا أريد أنقص كمية التعاسة التي أعطاها إليك يا قلبي .
لكن ما أفعله هو أن استدعي كل حزن نوفمبر إليك عن حسن نية.
ابتعدي أيتها الأيادي التي كسرت قلبي، لا أريد أن أحس دفئك إلا إذا كان أحمر قانيا، لا مجال للأزرق أو الرمادي ولا للخوف والصمت.
لن أقبل أن تؤلموا قلبي بعد .
تتساءل :
ــ لماذا تبتعدين وتنغمسين داخلك؟ ألست من يعذب قلبك بنفسك؟
أجيبك واثقة :
ــ لما يصيبني التعب والملل منكم، تستغلون ذلك لتعذيبي وتحطيم قلبي.
إنها رياح الخريف البنية هي التي تعيد إلي قوة الدفاع عنه.
هناك أيضا الحب الأبدي الذي يحملني على ظهره ولو بين لهب النيران.
كل من تقربوا منك أيها القلب يحطمونك ، ويرممونك في نفس الوقت على نار هادئة ، نار موقد هذا الطقس الخريفي .
يجب أن آكل اللهب وأبتلع كل الألوان وكل الأوراق المصبوغة باللون القرمزي..
يجب أن آكل الخريف لكي أتعرف إلى كل ما يوقظه في من مشاعر غاضبة.
وهاهو الخريف على مرمى من عيني وفي متناول يدي ومعه الأمواج والأحباء وكل ما يجعلك تدق بسرعة ، أيها القلب .
لكن الألم يبقى هو الألم ، ودون كتابة كل شيء يتمتم لي الرغبة في الموت على ضفافك وفي شرايينك ، وكلما ازداد ألمي وتعاستي كلما أعطيت أكثر كما لو أنني في أعماقي أنتظر أن تعود ..
ولا أتحرك ، أنتظر ، وأنتظر .. أن تعود .
لدي إحساس أننا على مفترق ما، في فترة انتقالية ما، وأن الجميع سيبدأ شيئا جديدا ما .. لكنني لا أحد يعرف ما هو ؟
حيرة وترقب تكتنفانك يا قلبي المراوغ،
لن أنساك، لن أنسى ذلك، فأنت من جعلتني أتصل بشريكتي الحياة ، لن أنسى قصتي معك ولا أن أتركها إلى الأبد .
لكنني مهما حدث، حتى لو أصبحت نتفا، حتى لو داسوا عليك وحتى لو أكلتك النيران سأرى نفسي أرقص معك،
سأرتعش بك ، وسأرتعش معك دائما .