أبدأ بسرعة منخفضة، وأنا تحت الماء، أفكر في كل الأشياء التي أريد أن أقبل أو أتخلى عنها بكل بساطة.
أغسل عيني لتهدئتهما، أتخيل ضوءا أزرقا يحيط بي كهالة .
هذا المساء، غسل الماء دموعي في هدوء وانساب الكل على وجنتي ليغسل كل جسدي كما جدول مسالم يشق طريقه بدعة وأمان. ، لكنه يسقي الطريق التي يسير فيها.
كان ذلك جيدا لي، لم أعد أستطيع أن أقاوم، رغم أن المقاومة هي عنوان وقتي، وتتبعني إلى كل مكان.
أكتب الكثير من الأشياء التي أخشى أن يراها أو يقرأها أحد، أخشى أن أصبح مملة، لأحد ما، أو كنت مملة في الماضي.
ومع ذلك ليست لدي رغبة أن ينتزع مني ذلك الحق ، أن أشعر بالملل واليأس أيضا من هذا العالم الذي نعيش فيه بصورة طبيعية ، لا ينقصنا شيء ، لأن الطبيعة لا تحرمنا من شيء ، لكن ما يجعلني أستغرب وأمل ممن يجعلوننا نظن ونقتنع أنه يجب علينا أن نجذ ف ضد الموت ، لكي نعطي الحجة أننا نستحق أن نكون هنا ، أحياء !
همست لك :
( منطقيا ، أظن أنه يجب أن نتوقف عن الظن أننا نتحمل أية مسؤولية على أي شيء وكل شيء ، وخاصة ألا نجعل الفقاعات تصبح بالونات كبيرة ) .
كنت تنظر إلي في دهشة، تابعت لأخبرك:
ــ اليوم طرزت منديلا أبيض بأزهار ذات ألوان زاهية وكأنني قطفتها توا من الغابة، التطريز هو عبارة عن عصفورين.
سألتني وأنت مازلت مندهشا :
ـــ وبعد ذلك ؟
أجبتك بصوت يتخلله الملل:
ـــ كتبت عليه :( الصبر للعصفورين ، واتركوا لجناحي القدرة على الطيران .)
نظرت عبر زجاج النافذة، كان الجو صحوا وكأن اليوم من أيام الصيف وكان نور الشمس مشتعلا رغم أننا في فبراير فقررت:
ـــ الآن، إلى المشي، هيا بنا.
وافقت على الفور ، فأنت أيضا تحب رياضة المشي .
لكنني كنت أريد من المشي،ليس تلك الرياضة التي يستفيد منها جسدي فقط بل كنت أريد الذهاب نحو السماء الزرقاء ، الأزرق ، الأكثر زرقة من لمعان الشمس على مياه الجدول الصافية ذلك الجدول في عمق الغابة ، والذي اجتمع بالأعشاب في حنان ولطف .
وأنا أمشي كنت ؟أحاول أن أراضي نفسي الثائرة .
لا أريد أن أتكلم، وأثرثر بعد ، فكل شيء قد قيل ، في آثار خطواتي على تراب الأرض والتي تحسن الحديث إلى نفسي بصوتها المتزن ، المتناغم أفضل من صوتي وإذا كانت خطواتي تحدثني فلابد لي أن أمشي .
أمشي وأنا أفكر في حياتي الماضية، والتي كانت دائما عبارة عن ( مابين قوسين ).
هناك الكثير من الأسئلة التي لا أتجرأ أن أطرحها على نفسي ، خوفا من أفقد أشياء مثل الأمل ، الذوق ، التفاؤل في عمق أعماقي والذي يساعدني أن أغطي حزني .
كنت أخطو كالعمياء ، كانت دموعي تغلف كل شيء تقع عليه عيناي بالضباب فلا أتبين الطريق .
عندما انتبهت إلى ذلك توقفت وأوقفتني وسألتني :
ــ لماذا تبكين ؟
لم أتمكن من الإجابة بشيء، لكنني كنت أعرف أنها دموع طاغية.
( لا تقولوا لأحد ما أنه يبكي من أجل لا شيء فلو أن دموعه تسيل دون سبب ، فذلك ببساطة من أجل كل مرة لم يتجرأ أن يبكي فيها ).
أظن أنني في هذا اليوم من فبراير أحس بضياع كبير .
هل سيتغير الأمر غدا ؟
(لقد تغيرت الكثير من الأشياء من قبل، ومن المستحيل أن أقف عند أحلامي الغابرة.
عندما دفعتك بكل ما أملك من قوة إلى تلك الهاوية العميقة، من على رأس ذلك الجرف الكبير الغارق سفحه في ضباب ذلك الصباح الجميل ، كنت أشعر بانعتاق كبير من حياتي ( ما بين قوسين ) إلى ما بين قوسي أسفل ذلك الجرف وقمته حيث كنت أقف متقطعة الأنفاس من حماسي المنقطع النظير ومابين جثتك وهي تسبح نحو الأسفل وصراخك الذي كان يصل إلى سمعي وكأنه نغمات موسيقية تهدئ نفسي شيئا فشيئا .
عندما وليت ظهري عائدة ، متراقصة الخطوات، وراحة لم أعهدها من قبل تستولي على نفسي وجسدي ، صرخت بصوت رجع صداه إلي من كل تلك
الوها د والتلال والسهول التي كانت تنبسط أمامي :
ـ نعم ، نعم ، نعم ، غدا ستتغير الكثير من الأشياء .