في أغلب الأحيان، لما يكلمني الناس ، تطرأ أفكار حينية على دماغي وأسرح عنهم وأفكر : ( إنهم سيموتون ، إنهم سيموتون ) .
هذه الفكرة تجعلهم يبدون لي على شكل مومياء ، لذلك أسمعهم بشكل مختلف ، أراهم على حقيقتهم ، على ما هم عليه فعلا ، على ما نحن عليه كلنا ، لذلك تأخذني رغبة ملحة في أن أنزع عنهم تقمصا تهم الغبية ، وحركاتهم التافهة ، أريد أن أسألهم عن سر جديتهم في تمثيلياتهم السخيفة :
( لماذا يحسون أنهم ذوو أهمية ورفعة .)
تلح علي أفكار كثيرة أن أصدمهم بحقائقهم ، الأكيدة والأساسية ، أنهم لا شيء، لا قيمة لهم، وأن أصرخ بوجوههم أن عودوا إلى الواقع ولا تنسوا أنفسكم .
كم أحب تلك اللحظات التي يتخلى فيها الآدميون عن حركاتهم المتعالية ، المتكبرة ، لما تتخلى عنهم تلك القوة الوهمية ويتداعون إلى أن يسقطوا أرضا .
كم أحب لما يترك الجميع ثيابه الأنيقة، ويتخلون عن مسرحياتهم ، عن أقنعتهم التي تسقط شيئا فشيئا فتتجلى حقائقهم ويعترفون بمساوئهم وضعفهم، وفسادهم وكل الأشياء الحقيقية .
ولأنني أستطيع أن أتألم أكثر منهم، أستطيع أن أحس بالألم، فإن السماء ستحضنني وتسامحني وتغلفني بردائها الأزرق الفاتن كما نقطة مشعة بيضاء في ظلام الفضاء ، ذلك لأن الشمس لا تموت أبدا .
يجب أن يكون لديك الكثير من الشجاعة لكي تختار الحب كل يوم رغم الحروب الصامتة في دماغك .
كنت تقول لي دائما :
ـ عش كالشمس ، فالشمس لا تموت .
من بعد ، فهمت من كلماتك أن الحياة هي ما نقوم بفعله ، وليس ما نتظاهر بالقيام به ونصفه بشتى الوسائل والصور ، ومن كلامك علمت أن الأسفار هي المسافرون أنفسهم . وكل ما نراه ليس هو ما نراه بل ما نحن عليه .