هناك من الذكريات التي لا يمكننا أن نتخلص منها، إنها تتآكلنا يوما بعد يوم، إنها تصرخ داخلنا.
هناك بعض الأشياء التي تضع علينا وصمتها بالنار والحديد ، ولن نتخلص منها أبدا ، بل يجب علينا أن نعيش معها .
كانت تحتفظ بالشظايا من كل الخرائب التي حدثت لها ومن كل ما دمره الوقت ، على أمل أن تكون قوية في المستقبل لكي تجمعها مع بعضها يوما ما .
يبدو أن الجروح لن تندمل أبدا ، وهذا الألم أكثر من واقع وببساطة فإنها أكثر وأكبر من أن يستطيع الزمن رتقها .
كثيرا ما نبهته :
ـــ يمكنك أن تخدع الجميع لكنني أنا أرى الفراغ في عينيك .
والآن بعدما رحلت ، هل تعرف أنك تصرخ في دماغي دون توقف ، دون استراحة . قلبي يتمزق لأنني مازلت أحبك .، و لأن كل شروق شمس دونك لا تشرق .
سأحفر داخل جلدي إلى أن أصل إلى الوجع الذي يقتلني .
لقد خجلت من نفسي عندما فهمت أنك كنت تضع قناعا بينما أنا كنت عارية الوجه .
في الحقيقة ، إنني أحترم قلبي كثيرا ، لقد أحرق ، دمر ، نسف ، دهس ، لكنه مازال يدق .
إن الأرواح البريئة لا تستطيع أن تصدق بسهولة مدى الخذلان وخداع الآخرين إلا بعد أن تمر بدروس قاسية تصل من خلالها إلى النتيجة الحتمية وهي مدى اتساع رقعة الخيانة البشرية التي هي بحجم سطح الأرض .
عندما أخبرتني:
ـــ سأغادر لن أتمكن من العيش معك أكثر .
لم أستغرب الأمر كثيرا ، فأنا لم أنظر من قبل جيدا في عمق سواد عينيك الفارغتين ، ولأنني أهديت غيابك إلى قصصي الميتة قبل أن تبدأ ، وإلى الساعات التي مرت ، إلى الأصدقاء الذين لم أكلمهم من بعد أبدا ، إلى الأعمال التي تركتها ، إلى الأبواب التي أغلقت دوني بقوة وعنف .
إلى الماء والسحب ، والصمت والليل ، البحر الواسع الأخضر .
إلى الأمكنة التي لن تكون فيها ، إلى الأزهار المتوحشة ، العطور التي تجعلك تفقد صوابك .
إلى ذلك النور الصغير الأبيض المشع في ظلام عيني السوداوتين.