هذا صبح آخر ،
وأنا ، أنا ما زلت مهملة في فراشي ،أفكر فيك بعينين مفتوحتين أيها الهارب .
تسللت تحت جنح الليل بعد أن قبلت جبهتي ، ونظرت إلي نظرات خلفت وراءها أسلاكا شفافة من نور ساطع .
هذا أنت أيها الهارب ، ذهبت في فتور ، مع ظلك وحدك ، ولم تعد
أيام طويلة مرت منذ فرارك،
أترى ،هل فرارك، وخطاك الهائجة المبعثرة قادت قلبك معك أم تركته لدي ؟
لا أعرف
فأنت أوقفت عالمي عن المسار ، لما ابتدأت رجلاك تسطر خطوك الرشيق على عواطفي الحالمة إلى خارجه .
خطاك التي أردت الابتعاد عني بها ، شدتني إليها على العكس من ذلك إليها بلحنها الوديع ، أحدثت داخلي خللا ما .
أتراه من جراء فرارك السريع ؟ أم من تأثير قبلتك على رأسي أو لأنك رحلت دون أن تترك خطاك وقعا خارج نفسي وأحاسيسي، يطربني لحنه .
لا أعرف إن كنت تركت قلبك عندي ، لكن ما أنا على يقين منه أنك أخذت قلبي معك في رحلتك ومع خطواتك التي يتردد الآن في كياني أنينها تتراقص مع كل خطوة منها روحي الحزينة المتعطشة .
أنت نزعت قلبي من أغواره السحيقة التي حفرها في أعماقي لمدة طويلة يتبعك أينما يممت وجهك وأينما تتبعت آثار الحياة .
هذه الشمس ،
شمس هذا النهار طلعت ، استوطنت كبد السماء تنتظرك معي ..
وقد مدت خيوط أشعتها إلى يدي أعزف عليها نغم الانتظار ، بينما الملأ كل الملأ يسخر من أوتاري المتكسرة .
ولم أكن أعرف أن غيمة تتصدر السماء ، ستغلف خيوط الشمس الذهبية فتلوح برقاتها بين الفينة والأخرى مرتبكة ، ملحة ، حائرة في آفاق السماء الحزينة ، فتلقنني بذلك أغاني حزينة شتى ،
سأركب صهوة الأحزان إلى أن أبلغ حقلك الذي لا تحد أرجاءه الحدود .
سألتني عيون الشمس ذلك النهار ، هل قصة مجيئي إلى هذه الحياة الدنيا ، حليفة للحزن أبد الدهر ؟ أم أنني أنا ابنة الحزن وأمي الأولى والوحيدة والأخيرة هي التعاسة ؟
يجري في عروقي دمهما ،وأسير في هذه الحياة طوع أوامرهما ؟
هذا الصباح ،
كان فستاني ذلك الصباح ، شبيه بغيمة أرجوانية بالأفق الأزرق المغيم وكان يحمل بين طياته بهجة الندى ، وسرور الغمام في فضاء طليق ، لكن هل يمكن لنظراتك أن تحرك هذا الحزن الذي يتكاثف داخلي طبقا عن طبق
وأنا ما زلت أنتظر ، وسعادتي خائفة ،دون صوت ، كامنة دون سرور ، وأنت لست بآت ..
ولم تأت ذلك الصباح ، وعلمت من رجع صدى ندائي من وادي المحبة ، أنك غير آت .
وحدث أن بكيت وحدي ، في غيابك .
وحدث أن تمنيت و أصابني أمل مدمر في أن أراك ..
وحدث أن عرفت أنك سر من الأسرار منتشر في سحابة صدري أتفسح به ي كل مكان وأحمله حملا دون أن أفصح عنه لأي أحد.
وحدث أن تلونت روحي بحزن دافق لا حد له ، جعلها تفارقني لتصعد إلى أعالي السماء ، إلى فضاء اتها لتكون قوس قزح خيالي ، جميل .
وحدث أن تمنيت أن يفكك قوس قزح ذاك ، في السماء هناك ، ويصبح سحبا متراكمة ، تتساقط بأمطار غزيرة تغسلني منك ، وتطهرني .