أكتب ، أكتب داخل رأسي ، أخترع كلمات وجملا ، لكي أعبر عن التحدي ، لكي أقبض بين كفي على آلاف الأفكار الموجودة في دماغي وكأنها أحجار صلدة ، مسننة ، مربوطة إلى قدمي .
أغرق في كآبتي ، في أفكاري السيئة ، في تعابير معينة ، قيلت لي لما كنت طفلة صغيرة ، وكذلك تلك التي صنعتها بنفسي ، والتي كنت أقولها بصوت مرتفع ، وأنا ألعب مع الصبية أمام باب بيتنا .
في حوار داخلي ، أحاول أن أتحدى كل ذلك
( إنني خائفة ، لماذا أشعر بكل هذا الخوف ؟ ).
تجيبني نفسي :
( لا تهتمي ، تسلحي باللامبالاة والتجاهل ، إنه فقط جسدك الذي يتشنج ، لكن ذلك لن يستمر ، سيمر ، فقط تنفسي .)
عندما أتواجه مع بعض المارة ، أرى نفسي في نظراتهم ، أكور قبضتي ، أنسحب إلى جانب الطريق لأفسح لهم المجال للمرور أمام أنانيتهم ونرجسيتهم الفائقة .
أغرق في محاورات استنكارية ومناقشات صامتة مع نفسي حول تصرفاتهم والتي أخشى أن أفصح لهم عنها ، لأنني أخشى أن يحصل معهم خلاف أو نزاع ما ،أنا في غنى عنه .
أعيش مسبقا تلك المشاعر من الخوف ، وكنت دائما واعية أنه عندما يحصل ذلك فإن العالم يصبح باردا وسيئا ، خاصة وأنه يصبح من واجبي الدفاع عن نفسي ، وهذا ما لا أتقنه بتاتا .
أكافح أثناء الليل ، تلك البرودة القاسية لتلك الغرفة التي أنادي منها ولا أحد يأتي إلي ،
خوفي الأكبر ألا يأتي أحد أبدا .
الرعاية والاهتمام هما فكرتان ثوريتان في هذا الكون ، علما أن لا أحد يهتم لي أو يرعاني .
أنت تخليت عني ، منذ أن أخبرتك أننا يجب أن نعيش كل ساعة وكل لحظة وكل يوم ما يجب أن نعيشه ، وليس أن نترك أنفسنا تعيش ، أن نعيش حقيقة ، إنه ربما الفعل الحقيقي الثائر في حياتنا ، الجرأة على أن نكون ونعيش أحرارا ، كل يوم يمر ، نكون فيه أكثر حرية .
أجبت حينذاك بقولتك المشهورة :
ــ لابد أنك مجنونة ، فأنا لم أفهم ما ترمين إليه أبدا .
إنني مدمرة، بكل تراكمات انشغالاتي، والصمت، والشك و اضطرابي أمام كل ذلك.
أكاد أجن ،
يحطمني كل ما أقوم به ولا أكمله ، وكأنها لعنة أصابتني .
تكسرني مشاريعي غير المنتهية، مشاريعي التي تخيفني، فتنتابني رغبة في التخلي عنها، لأنني أشعر بالجبن وانعدام التفكير السليم، وخاصة انعدام أهمية كل ذلك من البداية، وهكذا يضعف كل شيء في.
ولا أجد أحدا يوجهني ، فألتجئ إلى كتب تنمية الذات لكي أبحث عن الحل ، عن تحرري من كل هذا الخوف الذي يكبلني ، لكن هيهات ، سرعان ما أمل ذلك ويدور عقلي معي حول مصطلحات أو فتات أفكار بحثا عن الطمأنينة والسكون واللامبالاة :
ــ الانضباط، عدم التخلي، الشجاعة والجرأة، الاستمرار، اليوجا، التنفس، الرياضة.
يتقيأ عقلي خلال نومي كل تلك الكلمات التي ابتلعتها بصورة ميكانيكية .
وكما يائسة داخل حفرة، حفرتها بنفسي، أجد نفسي وحيدة أكثر فأكثر.
في المساء أبكي، في الليل أبكي، أبكي في الصباح أيضا ، بعض الأحيان ، تنقصني الشجاعة ، فأكتب الكلمات داخل رأسي كما لو أنني أحمل سيفا ، لأنني لكي أخرج وأغادر بيتي ، فإن ذلك امتحان عسير لي يتطلب مني شجاعة كبيرة.