أُرِيدُ أَنْ أَعِيشَ لَحَظَاتِ وَحْدَتِي بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ،
مُوسِيقَى تَنْزَعُ الحُزْنَ مِنْ دَاخِلِي،
يَنْتَشِي قَلْبِي،
تَتَرَاقَصُ الحِكَايَاتُ أَمَامِي تُدَاعِبُ ذَاكِرَتِي،
أَنْفَصِلُ عَنْ كُلِّ هَذَا.
أَعُودُ بِزَمَنٍ لَا أَعْرِفُهُ إِلَى الوَرَاءِ،
كَأَنِّي امْرَأَةٌ أُخْرَى،
شَعْرُهَا قَصِيرٌ، وَعَلَى شَفَتَيْهَا اللَّوْنُ الأَحْمَرُ القَانِي،
خَصْرُهَا كَغُصْنٍ يَتَمَايَلُ،
جَسَدٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَثَرُ الزَّمَنِ.
وَعَلَى نَغْمٍ قَدِيمٍ،
تَلْمَسُ بِيَدِهَا رَسَائِلَ،
تَفْتَحُ كُلَّ رِسَالَةٍ، وَتَقْرَأُ مَا كُتِبَ بِهَا بِشَغَفٍ.
ثَمَّةَ عَاشِقٌ تَرَكَهَا لِحَبِيبَتِهِ،
وَلَكِنْ أَيْنَ هُمَا الآنَ؟
وَلِمَاذَا اخْتَارَهَا القَدَرُ كَيْ تَتَفَحَّصَهَا؟
هَلْ كَتَبَهَا لِلتَّوِّ وَرَحَلَ؟
وَمَاذَا عَنْ تِلْكَ السَّيِّدَةِ الَّتِي سَلَبَتْ رُوحَهُ؟
يَصِفُهَا بِأَنَّهَا امْرَأَةٌ بِهَا كُلُّ النِّسَاءِ.
ظَهَرَتْ لَهُ فِي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الشِّتَاءِ، وَحِيدَةً لَا تَعْرِفُ أَيْنَ تَذْهَبُ،
وَمِنْ أَيْنَ أَتَتْ بِالأَسَاسِ.
قَالَتْ لَهُ: «أَتَحْتَوِي امْرَأَةً مِثْلِي، لَا تَعْرِفُهَا الحَيَاةُ، وَشُطِبَ اسْمُهَا مِنْ سِجِلَّاتِ العَالَمِ؟
أَنَا لَيْسَ لَدَيَّ مَا أُعْطِيكَ،
وَلَكِنَّنِي لِلْحَظَةٍ يَدْفَأُ قَلْبِي مِنْ نَظْرَةِ عَيْنَيْكَ،
كَأَنْ لَا شِتَاءَ وَلَا بَرْدَ.»
قَالَ: «لَا أَدْرِي مَاذَا حَدَثَ،
كَأَنَّ قَلْبِي يَبْتَسِمُ، دَاخِلِي يَتَرَاقَصُ،
يَجْمَعُ شَتَاتَهُ.
لَيْسَ كَأَيِّ لِقَاءٍ،
عِشْتُ مَعَهَا لَيْلَةً كَأَنَّهَا الحُلْمُ،
حَتَّى إِنَّ عُشَّاقَ كُلِّ هَذِهِ الأَرْضِ لَمْ يَعْرِفُوهَا بَعْدُ،
لَمْ يَصِلُوا إِلَى تِلْكَ البَهْجَةِ.»
وَلَكِنَّنِي بِالصَّبَاحِ وَجَدْتُهَا قَدْ ذَهَبَتْ.
بَحَثْتُ عَنْهَا طِيلَةَ سِنِينَ،
عَنْ تِلْكَ المَرْأَةِ وَكَأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ عَالَمٍ آخَرَ.
بِكُلِّ لَيْلَةٍ أَكْتُبُ لَهَا رِسَالَةً،
حَتَّى أَصْبَحَتْ رَسَائِلِي لَا تُحْتَمَلُ.
ضَجِرَ الوَرَقُ وَالقَلَمُ.
فِي مِحْرَابِ قَلْبِي يَتَبَاعَدُ الحُبُّ كُلَّ لَيْلَةٍ،
يَتَوَسَّلُ أَنْ تَعُودِي.
أَخْشَى أَنْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَرَاكِ مَرَّةً أُخْرَى،
وَلَكِنَّ الرُّوحَ تَذْهَبُ إِلَى الرُّوحِ أَيْنَمَا كَانَتْ.
حَلَّ بِيَ التَّعَبُ،
تَرَكْتُ تِلْكَ الرَّسَائِلَ فِي غُرْفَتِي المَهْجُورَةِ،
حَتَّى وَإِنْ مَرَّ العُمْرُ،
حَتْمًا سَيَأْتِي أَحَدُهُمْ وَيَعْرِفُ عَنَّا.
تَحْتَ مِظَلَّتِهَا ظَلَّتْ تَبْكِي،
هِيَ وَالسَّمَاءُ.
مَنْ يُعِيدُ الحُبَّ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ مَرْقَدِهِ؟
أَيُّهَا العُمْرُ، لِمَاذَا لَا تَرْحَمُ عَاشِقَيْنِ؟
كَانَتِ المُوسِيقَى تَصْدَحُ عِنْدَمَا فَتَحَتْ عَيْنَيْهَا،
وَأَدْرَكَتْ أَنَّ الحُلْمَ انْتَهَى،
تَقَدَّمَتْ بِرِفْقٍ نَحْوَ النَّافِذَةِ،
وَأَدْرَكَتِ الحَقِيقَةَ بِأَنَّهَا عَادَتْ لِعَالَمِنَا،
أَغْلَقَتِ المُوسِيقَى وَرَحَلَتْ،
لِيَبْدَأَ يَوْمُهَا الجَدِيدُ.





































