الحبر ليس مجرد سائل أسود أو أزرق يُملأ به القلم…
الحبر هو صوت القلم، هو دمه، هو الدليل أن شيئًا من الداخل قد خرج ليبقى.
تأمّلتُ كثيرًا العلاقة بين القلم والحبر،
فوجدتها كالعلاقة بين القلب والنبض:
القلب موجود، لكنه بلا النبض ميتٌ صامت.
فما الذي يكونه القلم بلا الحبر؟
هيكل، شكل، أثر مفرغ من المعنى.
الحبر لا يُشكّل الحرف فقط، بل يحمّل الحرف بالوزن،
بالأثر، بالألم، بالحقيقة.
هو الذي يجعل الكلمات تُرى، وتبقى، وتوجِع إن لزم.
الحبر ليس ملك القلم، بل رفيقه.
وقد يخونه أحيانًا — يجفّ، ينقطع، يلطّخ الصفحة،
لكن لا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر.
والقلم مهما علا شأنه، لن يُكتب له البقاء إن لم يجد حبرًا صادقًا يرافقه.
فكم من قلمٍ مذهب الشكل، لم يقل شيئًا يذكر!
وكم من قلمٍ متواضع الهيئة، خطّ بمدادٍ بسيط ما رجّ قلوبنا حتى اللحظة؟
فيا أيها القلم،
اعرف أن خلودك لا يكون في صلابتك،
بل في عمق الحبر الذي يسري فيك.