منذ الطفولة ونحن نُمسك القلم كما نُمسك أي أداة : نكتب، نرسم، نخطّ ونمحو.
لكن شيئًا ما يحدث حين ينضج الشعور فينا...
نبدأ نُدرك أن القلم ليس مجرد أداة، بل امتدادٌ لما نحن عليه.
القلم ليس خشبًا، ولا معدنًا، ولا بلاستيك.
إنه ذاكرة اليد، ولسان الصمت، ومرآة الروح.
هو الشيء الوحيد الذي لا يطلب إذنًا ليقول ما نخجل من النطق به،
ولا يتلعثم حين نتألم، ولا يتراجع حين نرتجف.
كل من كتب بقلبه، أدرك أن القلم ليس في طرف اليد، بل في عمق الوجدان.
فهو لا يكتب ما نريد قوله فحسب،
بل يكشف ما لا نعلم أننا نشعر به،
ويفتح أبوابًا لم نجرؤ أن نطرقها إلا على الورق.
وهكذا يتحوّل القلم من أداة... إلى هوية.
فمن الناس من إذا كتب، عرفتَ منه ما لم يقله يومًا.
ومنهم من لم يكن يومًا خطيبًا، ولا بليغًا،
لكن القلم إذا استقرّ في يده، نطق بما أعجزه العمر عن قوله.
فلا تستهِن بقلمٍ يخطّ حرفًا خافتًا،
قد يكون فيه من الذات ما لا يملكه صوْتٌ مرتفع،
وقد يكون أكثر صدقًا من كلّ ما قيل في وجهٍ لا يعرف الحبر.
القلم لا يُعرّف بمواده... بل بما يسكن فيه من صاحبه.