توهّم القلم ذات يوم أنه قد بلغ الكمال،
وأن الحبر ليس سوى تابعٍ،
وأنه قادر أن يكتب بما فيه من "شكل" لا "جوهر".
فأخذ يُحرّك نفسه على الورق،
يرسم الكلمات كما اعتاد،
لكن الورق... ظلّ أبيضًا، صامتًا، جامدًا.
حينها أدرك القلم أن الهيئة لا تصنع الكتابة،
وأن الانحناء الدقيق، والحركة الرشيقة،
لا تُنجب المعنى… دون الحبر.
تلك لحظة نمرّ بها نحن أيضًا.
نظن أن "اللغة" وحدها تكفي،
وأننا إن أتقنّا القواعد والأساليب… سنبلغ عمق الحقيقة.
لكن الحقيقة لا تُكتب بالبراعة فقط،
بل بما يُسكب في الحروف من صدق.
والصدق... هو حبر الكتابة الحقيقي.
القلم الذي ظن أنه لا يحتاج الحبر،
كتب كثيرًا… لكنّه لم يُخلِّف شيئًا.
لأن الحبر ليس سائلًا يُظهر الحرف،
بل روح الكلمة التي تُوصلها إلى قلب من يقرؤها.
فإن كتبت دون حبر،
كأنك تحدث الناس دون أن تشعر بشيء مما تقول.
---
الحبر ليس مادة… بل الشعور الذي يجعل القلم أهلًا لأن يُنصت له.