استدارت، ركضت نحوه بكل ما أوتيت من أمل، قفزت قفزة إيمان ويقين عبر الحاجز الخفي، فوجدت نفسها تهوي في فراغ نحو العدم: لا سماء، لا أرض، لا انتهاء للألم.
حتى المشاعر عكست رأسًا على عقب وتمازجت لتصنع إحساسًا رماديًا مزعجًا لا يوصف بقليل من الكلمات.
حبست الدموع في المحاجر وأسكتت نبض القلب، ما خلا دقات تستنجد وتتمسك بآخر نفس، لكن لما النفس وما جدوى الجسد في روح أنهكته الخيبات ورسم الخذلان خطوطًا بدقة وتفانٍ.
سقوط حر في فخ المتاح الممنوع، سُياط الندم يتردد صداها في أعماق الصمت المميت، حيث لم تعد الكلمات تجدي نفعًا، ولا العويل يعبر عن المبرح من الوجع . كانت تحاول أن تمسك بخيط رفيع من الوصل، مَدَّه إليها في لحظة وله، لكن يد الحياة القاسية كانت تسحبه بقسوة، تجرها أكثر نحو الظلمة، تنطفئ كشمعة ناعمة في مهب ريح صَرصر عاتية.
ارتفعت أنفاسها متقطعة، نادته بآخر بحة منحها إياها القدر: "لست الضحية، إنما أنا هدية القدر، فلا تغدر."
لكنه لم يرد، كأن الفراغ أثقل كلماته.
تمسكت بذلك النداء الأخير، أسلمت جسدها للخواء، وشقّت طريقها هاوية في ظلال القهر، على أمل أن ترتطم بواقع يفنيها لتبعث من جديد، وتحاول أن تبني من رمادها صرحًا لا يهدمه الألم.






































