في ساحة الخريف الباهت، عند تقاطع زاويتي النهايات والبدايات، تتجاذبني الآمال والذكريات. يتوق العقل لأن يأخذ بيدي نحو مغامرة جديدة، يشدني لتقبّل فكرة الخسارة ويشجعني على تجرع الخيبة في صمت، قائلاً: ليست هذه أول مرة ولن تكون الأخيرة، هيا، لتكن دفعة واحدة فقد ألفنا طعمها. لا تقلقي، سأرويك بعضاً من الأمل وأغريك بمعزوفة وصل جديدة لتخفيف مرارة الفقد، ولأدفعك للمضي قدماً في هجر هذا الرصيف البارد الموحش الذي لا يليق بسمو روحك.
يحاول سحبي عنوة، فأنطلق بلهفة لأرتد ساقطة في وجع. أنظر إلى موضع الألم فأرى آخر ذكرى تتشبث بنياط قلبي، تدندن تعويذة الحنين فأغوص ثملاً، تراودني على البقاء وتهمس: هاهنا أنت زهرة خزامى تقبل قطرات الندى على خدها من حين لآخر، تتمايل على شرفات باهتة تعطي للحياة لوناً جميلاً ويعبق عطرها في شوارع كل قاطنيها موتى مع وقف التنفيذ.
بين ألم البقاء وصعوبة الرحيل تتجاذبني أطياف من عالم غريب. أترك لها نفسي وأغيب، أين ذهبت وكم لبثت؟ من يدري، وهل حقاً عدت أم أني لا أزال ذاك الغريب