آخر الموثقات

  • ق.ق.ج/ بئر العينين
  • مكانة الأسياد ..
  • تقوى الله محرك مهنة الطب
  • التعليم السوداني بين العزلة وإعادة إنتاج الأمية
  • أصداء أزهري محمد على نقد متجدد للحكم في السودان 
  • معركة الكرامة: بين الخيانة والوفاء للوطن
  • بين رفقة الأحلام ورفقة التكنولوجيا أحلام تزهر بالمعرفة
  • طقوس الزواج السوداني بين الأصالة والمفارقة: من قطع الرهد إلى إشعار البنك
  • لقاء السحاب
  • يا صديقي.. لو كنا تزوجنا من زمان
  • رسالة بين القلب والعقل
  • ما وراء الغيم الأسود
  • حين عاد الصوت من الغياب
  • على حافة الفراغ.. حكاية قلب يبحث عن أنس
  • أمسية على ضفاف الذاكرة
  • تهت في عيونك
  • جاء موعد كتابتي إليك
  • عبارات مبالغ فيها لإبن تيمية
  • ابن تيمية فى مواجهة الوهابية 
  • لابوبو الجزء ٤
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة ايمان قادري
  5. رحلتي مع فن الكتابة 

 

1_

كان من عادتي أن أنيخ رحالي في حياة المبدعين، أسبر أغوار حياتهم والعوامل المؤثرة في ملكتهم، لكنني اليوم و بدعوة من الأستاذ الفاضل: حاتم سلامة- حفظه الله - أشد رحالي نحو أطلال الذكريات البعيدة..

مازلت أذكر جيدًا ذينك اليوم الذي عاقبتني أمي فيه بأن أمرتني وأنا في سن العاشرة أن أبقى معزولة عن إخوتي في مكتبة والدي- رحمه الله - إذ كنت شديدة العرامة في صغري وقد أنهكتها بشقاوتي..قضيت العقوبة دقائق عاجلة أمام مكتبة عظيمة طولاً وعرضًا... ولأن نفسي تنازعني كطفلة طبعها انتهاز حتى فرصة العقاب لتعمرها بما لذ وطاب، إذ كنت أفزع من الفراغ ولا أطيقه..

لفت نظري كتاب أوراقه صفراء تسر الناظرين، متكئ على إخوته من الكتب يلفت النظر، ويثير العبر..

سحبته من بينهم، عنوانه: (محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل)، ولجت إلى عوالمه ثم أضعت طريق العودة، ورأيت نفسي أحيا به، دخل والدي وقد رأى في عيني طفلته المشاكسة لمعة جديدة وشغفًا وليدًا..سألني بلهفة الأب وبخبرة المربي: مارأيك بمجموعة تناسب عمرك أكثر؟.

أخرج لي مجموعة: (قصص النبيين عليهم السلام): للعلامة الندوي رحمه الله.. التهمت الكتاب، أكلته وشربته في أسبوع.. وكانت تلك العقوبة اللذيذة الماتعة بداية خطواتي نحو ربا القراءة والمطالعة أمرح في سهولها وألثم عبيرها، أتنفسه حتى تمتلئ رئتاي بهوائها النقي.. لم يكن غريبا ذاك الشغف الوليد فهو في تركيبتي الجينية خلقًا بعد خلق، مهنة الآباء والأجداد تجلت في الأولاد والأحفاد..

لمع نجمي في المدرسة.. في فضاء الخط العربي.. وأشعلت جذوته معلمة اللغة العربية بكلمات تشجيعية، نقشت عميقًا في حائط الذكرى: اهتمي بفن الخط وستصبحين خطاطة ماهرة متألقة إن شاءالله.. وكما تعلمون:

نحن بنات حواء قلوبنا في آذاننا..

تنقب الكلمات ثغرة في الفؤاد فتزهر من فورها لتغدو شجرة باسقة من الحلم والأمنيات..

كان حضوري الأدبي في الاعدادية والثانوية لافتًا، رشحوني لإدارة مجلة المدرسة، ثم الإذاعة المدرسية كتابة وإلقاءً..

 

2_

وتلقفت أذني كثيرًا من الكلمات التشجيعية، وحصلت في مادة الإنشاء على العلامات الكاملة دومًا ولله الحمد.. وفي البيت في العطل كنت أعتكف في مكتبة أبي العامرة بين مؤلفات العلامة: محمد الغزالي الرائعة..

 أذهلني تقلب مزاج عميد الأدب العربي الرافعي في نظرته لحواء ومدى البون البعيد بين الحالين، فدون (أوراق الورد) في رضاها وقربها، و(السحاب الأحمر) ساخطًا ناقمًا عليها بسبب ما رآه من نفورها وتمردها وغضبها..

قلبت طرفي في أدب الزيات ذي النكهة المميزة.. أسرتني بلاغة محمود سامي البارودي وآهاته في منفاه سرنديب وحفظت قصيدته وهو يشكو النوى آنذاك.. وأخذت بلبي شوقيات أمير الشعراء.. شعرت حينئذ أن القراءة نعيم جنة معجل و مطية حلم مؤجل..

كان لسفرنا بين المدينة المنورة ودمشق أكبر الأثر في تشكيل شخصيتي.. فالحل والترحال ومعاشرة بيئات ومجتمعات متباينة رغم الهوة الكبيرة بينهما إلا إنه كساني حلة الخبرة.. ووهبني عمق النظرة..

في الثامنة عشرة من عمري بدأ القلم يرفرف بجناحين صغيرين بزغا لتوهما بما يميزني شخصًا وفكرًا وروحًا.. وما كاد الطائر يكبر ويرفرف عاليًا حتى عاد لعشه.. إذ لحقت بركب المتزوجات.. وبعدت عن أهلي ومسقط رأسي وسكنت دمشق وأماطت الحياة اللثام عن عوالم جديدة.. ورزقت بثلاثة أولاد، إذ لم يكد القلم يحلق حتى عاد وجثم..

دارت رحى الأيام، عركني الدهر وشد من عودي، حتى ليخال إلي أن مدادي قد جف وانغمر.. لكن قلمي كان ينمو بصمت كغابة نائية لم تطأها قدم بشر قط..

 

3_

زاد اشتياقي للمدينة المنورة، لروضتها وحرمها بل ولحجرها ومدرها وشجرها ولأهلي عرق عيني.. وكنت أرسل لهم رسائل ورقية شاء الله لبعضها أن يبقى.. يلمس القارئ فيها أنه مكروب ونفثة مصدور.. واستشعر قلمي أن الألم مدرسة الإبداع الأولى.. وأننا لا نكبر بالنصائح ولا القرائح وإنما بوخز الوجع ولسع الولع.. 

ومع كثرة مسؤوليات الأسرة أضعت أبجديتي.. وقفل حلمي راجعًا متقهقرًا.. ظننت أنه قد تم اغتياله.. لكن الأمومة وعواطفها الندية وقدرة الطفل على إرغامي لتلمس جمال الكون وهو يشير ببنانه اللطيفة ولغته المتلعثمة الآسرة.. فاغرًا فاهه مشدوهًا لما كنت لا مبالية بشأنه من روعة هذا الوجود ونواله... في مواء قطة جميلة، وعصفور شارد عن أمه.. أيقظ المارد النائم داخلي

وياليت شعري ماحال صاحبة إحساس موار وطفلها ذو الأربعة أعوام يريها في الحديقة أعشاش النمل ويؤكد لها: ماما أحبك بقدر أكبر عش للنمل..

ويرد قلبي.. حبا وكرامة..

كانت براءتهم تدفعني بيد ناعمة لأشهد عرس الجمال والتدبر في بديع صنع الله وآلائه.. حتى في عش نمل أو تبختر بطة..

سجلت قليلًا من ذكرياتي معهم.. وأكملت دراستي الجامعية قسم الشريعة. 

لكن كانت كل محاولاتي الكتابية تمشي ببطء وعلى استحياء.. ثم تعرفت على أخت تعمل في مجلة أطفال في دمشق ففتحت لي نافذة على أدب الأطفال الساحر.. السهل الممتنع! ودونت تحت عنوان: ( سلسلة نصائح أمي المفيدة).. مجموعة قصصية عددها اثنا عشرة قصة تحكي ذكرياتي الحقيقية مع أمي و أولادي.. كل تحذير ونصيحة يغفل عنها الطفل وتتسبب في إحداث مشكلة له..

دونتها بمداد القلب.. فأنت تتعامل مع أطفال أطهار.. وكما تربينا فإن خيركم من تعلم الحب وعلمه.. متجليًا في فن ربط الأم بطفلها بطاقة من مودة ونور وليس بسياط من رهبة وذعر وغرور..

 

4_

وحطت سفينتي أخيرًا في دوحة نضرة أتفيؤ فيها ظلالًا حانية و قطوفًا شهية دانية، وعزمت على حفظ القرآن أنا وأطفالي.. وانكببت عليه تلاوة وحفظًا وتفسيرًا وتدبرًا.. كنت أشرب من معينه وأنهل من سلسله، وأتضلع من جزالته.. فخرج قلمي من شرنقته متضوعًا بجزالة بيانه وعذوبة لفظه وعمق عبارته.. وأنى لأديب أن يبارك له في بيانه إن لم يكن القرآن رائده وقائده لفلاح الدنيا والآخرة وذلك وايم الله الفوز العظيم!

 

5_

وظل قلمي في سباته يئن، لكنه للتدوين دومًا وأبدًا يحن، حتى جاء يوم ضمني مع زمرة نسوة.. يتجاذبن أطراف الحديث، ويتحدثن عن الخطبة والزواج.. أخبرتني إحداهن أن أخاها يشترط ألا تكون عروسه من الملتزمات المتجلببات أو المنتقبات المخمرات..يريد عروسا (عصرية) تواكب الموضة والدارج، وتأنف من التقاليد الرجعية.. وحجته في ذلك أن الملتزمة زاهدة في الدنيا.. تعاف التزين حتى في بيتها.. لا تهتم بهندامها ولا بأنوثتها..(على حد زعمه)، والغريب أن بعض الأخوات في الجلسة يؤيدن فكرتها المهترئة.. وهن يرددن كالببغاوات مؤامرة الأعداء دون وعي أو قصد..

مؤكد وبديهي أني انبريت للدفاع عن الملتزمة.. وأن رسالتها لا تتناقض أبدا مع اهتمامها بزينتها وتغذية أنوثتها.. مع حسن تبعل لزوجها وطاعته وإعفافه.. كنت آنذاك أتميز غيظًا وتميد الأرض بي من هذا الإطلاق الفج البغيض..

تلكم الجلسة لم تكن عابرة أبدًا.. لأن هذه الأفكار المنتشرة خطرها كبير وشرها مستطير.. وقررت تحويل لهيب الغضب لمشاعل نور تكون منارة للحيارى وحل قيود الأسارى من هذه الظنون المشوهة للمرأة المسلمة الملتزمة.. وتشقق الصخر بداخلي عن ينبوع يجري جريان السيل في البطحاء.. والماء في الغدران والقنوات.. وكانت تلكم روايتي الأولى: (الشجرة الطيبة)..

 

7_

حزمت حقائبي وشددت رحالي لطباعة الروايات.. وكنت أقلب الطرف في أول خطوة ليخرجوا للنور.. زرت مرشدتي.. واستشرتها.. فطلبت الروايتين مني لتسلمهما لأستاذة قديرة مدققة لغوية.. ودون تردد.. ناولتها الدفاتر.. عصارة فكري وزبدة مشاعري.. شعرت بغصة في حلقومي، ورعدة في كياني.. وكأنها استلت روحي بيديها.. وكانت تلك الزيارة هي آخر عهدي بروايتيّ اليتيمتين..

ودخلت سورية أتون الحرب وحمي الوطيس.. وكان لدمشق وغوطتيها حصة كبيرة من الأهوال التي ماكنت لأظن أو يخيل لي أن أحداث يوم القيامة أشد هولًا مما شاهدت وعاصرت..

ذهلنا عن كل شئ.. وهاجر الكثيرون وبلغت القلوب الحناجر... وبعد سنوات من الأسى والألم والتشرد.. نهضت نهضة أهل الكهف..الدنيا غير الدنيا والناس غير الناس.. وأنا لست أنا.. أنكرت نفسي وما التنكر للذات إلا ذهاب المهج والموت البطيئ.. وتذكرت روايات ولدت ميتة.. الحرب أجهضت كلماتي.. وبربق عيوني وشغف قلبي...

من جديد.. وفي كهف العزلة بزغ بصيص النور آخر النفق.. ومد الأمل يده من كوة عالية.. يناديني.. كفاك أسفًا.. كفاك تحسرًا ألم تعلمي أن للياسمين قومة العنقاء.. فانتفضي من تحت الرماد وعودي لروحك وبيانك كأبهى حلة.. انهضي واكتبي للدنيا حقيقة ماحدث.. فأنتِ شاهد على العصر بين جنباته تجربة حرب تاريخية.. سلاحه القلم وعتاده الصدق وقوته الحق وغايته رضا المولى...

وها نذا ألبي النداء... وأدون كتابي الجديد: (ففهمناها سليمان).. راجية فيما كتبت وفيما سأكتب أن ينتشل الله قلبي وكلماتي من لجة الشهوات إلى معالي القربات.. وإني والله أشتاق البشرى.. وأنتظر الفرج القريب واللقاء الحبيب...

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↓الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة غازي جابر
6↓الكاتبمدونة خالد العامري
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة هند حمدي
9↑5الكاتبمدونة خالد دومه
10↓-1الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑19الكاتبمدونة منى كمال217
2↑16الكاتبمدونة يوستينا الفي75
3↑10الكاتبمدونة طه عبد الوهاب147
4↑10الكاتبمدونة وسام عسكر214
5↑8الكاتبمدونة عطا الله حسب الله137
6↑8الكاتبمدونة مروة كرم144
7↑8الكاتبمدونة سارة القصبي159
8↑8الكاتبمدونة عزة الأمير170
9↑7الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد62
10↑7الكاتبمدونة هبة محمد194
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1101
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب701
4الكاتبمدونة ياسر سلمي666
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني432
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين423
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب350426
2الكاتبمدونة نهلة حمودة205112
3الكاتبمدونة ياسر سلمي190178
4الكاتبمدونة زينب حمدي176669
5الكاتبمدونة اشرف الكرم138421
6الكاتبمدونة مني امين118828
7الكاتبمدونة سمير حماد 112630
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي103837
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين101203
10الكاتبمدونة مني العقدة98561

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة محمد فتحي2025-09-01
2الكاتبمدونة أحمد سيد2025-08-28
3الكاتبمدونة شيماء حسني2025-08-25
4الكاتبمدونة سارة القصبي2025-08-24
5الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
6الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
7الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
8الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
9الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
10الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18

المتواجدون حالياً

1195 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع