وتعاقبت الأيام..حتى أتى يوم رأيت فيه جثث السنين الماضية ، وأشلاء ذكرياتنا الهانئة ملقاة" على ضفتي "بردى"..
بردى الحب ، حضن الجنات ، ربيع الأمنيات..أصبح مكب نفايات ومستنقع آهات..
ما بالك اليوم بردى ؟ تنكرت لأهلك وهجرت بلابلك دوح رياضك..
أولست من كنت تسقينا الفرح بهدير ماءك ؟ وتكفكف دموعنا بغدرانك وقنواتك ؟
أونسيت كم لعبنا على رباك.،كم تأرجحنا بين حورك وصفصافك..كم قفزنا ولهونا وضحكنا..نتعثر تارة وننهض تارات ؟!
هل تصدقني إذ أهمس في خلدك :
مازال عبير زهرك متضوعا عابقا في حنايا الروح ..مازلت في نفسي ذلك الرحالة الهمام شاهدا على العصر ؛ مؤرخا للأوابد والحضارات.. قاصا بارعا لرحلاتك تلك المحملة بالياسمين الدمشقي شاقا طريقك منها عبر الغوطة و وادي بردى متفجرا من الزبداني نبعك حتى العتيبة مقرك ومستقرك..
أغمض عيني علِّي أثمل برشفة من الماضي الخلبي الساحر..لأصحو على هزات الواقع المر ،والأرض اليباب تميد من تحت قدميّ ..خفافيش الظلام تحوم حولي يمنة ويسرة ، واذ بطير الدعاء يحط من السماء على غير موعد..يمد جناحيه "التوبة والتضرع" يدعوني للنهوض وقد حلق بي عاليا حتى رأيت خيط الفجر الأول يشق العتمة عبر الأفق القريب..
كتبته بدمع سخي