من فترة عملت شغل عند معهد الأورام اللي على كورنيش النيل، والشغل خلاني اقعد اربع خمس ساعات قدام المعهد ووقتها خدت بالي اني فيه ست كبيرة مثلا عمرها خمسين سنة أو أقل، جايبة كرسي وقاعدة على باب المعهد وساكتة خالص لا مستنية حد و لا عايزة تدخل وبعد شوية الست دي واضح انها كانت متفقة مع الأمن بتاع بوابة الكشف وكل ماتخرج أم شايلة ابنها او بنتها يشاور لها الأمن على الست الكبيرة وتديها في ايديها حاجة وتمشي وهكذا لمدة ساعتين مثلا وبعد ما خلصت شالت الكرسي ومشيت في هدوء.
من ضمن الناس اللي كلمتهم وقتها للشغل واحدة قالت لي اني فيه ست اديتها ٢٠٠ جنيه وهي خارجة واني ربنا رزقها بحاجة ماكنتش فى بالها وقعدت تدعي لها كتير
عجبني جدا اللي الست عملته، وطريقتها في الصدقة وفكرتها عن المكان واحتياج المترددين عليه للفلوس، عجبني هدوءها وصمتها وحرصها على اني ماحدش يشوفها، انا اخدت بالي منها ومعرفهاش ويمكن ماقابلهاش تاني، لكن كنت ممتنة جدا للصدفة اللي رمت جوايا أمل فى الناس
في نفس الوقت كان فيه تاكسي واقف لقي أب خارج وشايل ابنه على كتفه وبيدور علي ميكروباص راح قاله اركب هاوصلك ومش عايز حاجة ماتخافش
بكتب ده عشان هي مواقف حلوة تستحق تتقال وتتحكي حتى لو اصحابهم مجهولين، وعشان المكان ده وناسه يستحقوا جدا اي صدقة هاتخرجها. الأيام دي
المعهد القومي الأورام يمكن مالوش اعلانات زي اعلانات مستشفيات تانية من بكرة هاتتكرر كتير لكنه يستحق جدا
اي مرة الدنيا مضلمة معاك روح اقف هناك ساعد حد، أو وصل حد تعبان أو ادفع تمن التاكسي ليه، أو وزع حتى وجبة صغيرة على الأهالي ، اللي بتقعد بالساعات قدام المكان عشان مستنية دورها فى جرعة كيماوي أو نقل دم أو كشف ..
كنت سمعت حد مرة بيشتكي من حاجة وحد رد عليه قاله "مشوار خير هايخلص كل ده"
كل سنة والناس طيبين لسة والخير موجود ليوم القيامة.