أبي… هذا الرجل الوسيم الواقف على يمين الصورة.
كان يحتفظ بهذه الصورة في غرفة نومه طيلة أربعين عامًا، معلّقًا إيّاها على جدارٍ خاص، يضمّ ذكرياتٍ هادئة عن رحلته داخل المصانع الحربية، وتفاصيل تنقّلاته في القاهرة، وصور أبنائه.
يقف في الصورة إلى جوار صديق عمره، ذاك الذي غاب، لكنه بقي في الصورة، في الذاكرة، وفي القلب.
كتب أبي فوقها بخطٍّ ثابت:
"للذِّكرى: الإخوان عبد العظيم تليمة ومحمود الجندي – ٨ اغسطس ١٩٧٤"
وظللتُ أنا وإخوتي نقرأ هذه العبارة سنواتٍ طويلة،
وفي كل مرة، كان أبي – دون أن يدري – يغرس في داخلي معنًى نبيلًا للصداقة…
معنًى يتجاوز تغيّرات البشر، وطموحاتهم، وأمراض هذا العصر.
معنًى يمنحني دومًا أعذارًا تروي أرض المحبة الأصيلة في داخلي.
أما محمود الجندي، هذا الرجل الذي صاحب أبي في حياته، فقد كان أيضًا جزءًا من عالمي الخاص.، كنت أراه على جدران غرفته كحُلمٍ طيّب كما لو كنت أبحث عنه في حياتي.
وقد اخترتُ أنا أيضًا أن تبقى الصورة على جدران بيتي، كما فعل أبي.
رحم الله أبي، الرجل النبيل، ورحم أصدقاءه، وأثابهم في مقامهم البعيد ما استحقّوه من حبٍّ ونورٍ وإخلاص❤️