زحف الشيب إلى رؤوسنا،
لم يكن إعلاناً عن عُمرٍ مضى،
بل اعترافاً صامتاً بما عانيناه في الطريق.
كل خصلةٍ بيضاء تحمل حكاية وجعٍ،
وصدى ليلةٍ بكينا فيها دون أن يرانا أحد.
كبرنا،
لكننا ما زلنا نحمل في أيادينا حقائب الأمنيات،
نُخبّئ فيها أحلاماً صغيرة
كانت تنتظر أن تكتمل يوماً،
ولم تُسعفنا الأقدار…
فمضينا نعدّ الأحلام بدل أن نعيشها،
حتى تعبَت النجمات من انتظارنا.
كبرنا أكثر،
وتجاوزتنا الأيام كأنها تركض ونحن نلهث خلفها،
صار الزمان يطفئ شموعنا بصمتٍ،
وكل عامٍ يمضي يترك فينا ظلّ سؤالٍ لم نجد له جواباً.
صرنا نمارس الحياة المتاحة،
لا الحياة التي نريدها.
نمضي في الطرق المعبّدة بالاعتياد،
ونتعلم أن لا نحرس كل ما نخاف فقده،
فبعض الأشياء إن رحلت أراحتنا،
وبعض النهايات خُلقت لتمنحنا بدايةً أنقى.
الحريّة...
ليست في السفر، ولا في القرارات الجريئة،
بل في أن تُطلِق سراح قلبك من سجنه.
حرية أن تشعر بلا خوف،
أن تحزن وتفرح وتغضب وتحب كما أنت،
أن تدع الدموع تنساب دون خجل،
فما زادتنا القيود إلا وجعاً،
وما ضيّقتنا الجدران إلا عطشاً للحياة.
تحرّر من شعورك العالق،
حرّر قلبك من الذكريات التي تؤلمك،
وأطلِق لروحك جناحين من رضا...
لأن أجمل ما في النضج،
أن تتصالح مع مرور الوقت،
وتدرك أن ما ذهب... لم يكن لك،
وما بَقِي... هو ما تستحقّه.








































