سأتزوج رجلًا عاديًا، عاديًا جدًا...
يعمل طوال النهار ولديه منزل وسيارة ولا يحب القراءة...
رجلًا بسيطًا يحلم بتكوين أسرة لطيفة هادئة مع زوجة تذوب روحها في ظله خضوعًا لا حبًا، ليظل رجلًا.
سيخبئ عنه الجميع أنني كاتبة، سيصفون أمامه ما أكتب بالعبث ومحاولات تضييع الوقت التي حان وقت التوقف عنها، سيقسمون بأني زوجة مطيعة وأم رؤوم وطباخة ماهرة، وأن كل آثار الحروق بذراعي لحقتها أطباق فاخرة "تستاهل بوقه".
سيرى وجهي الهادئ، عيوني المتعبة، حديثي القليل، جسدى المنمق، أدواري الاجتماعية المتقنة ومكانتي المرموقة بين الآخرين فيرحب بالصفقة الرابحة..
وسأصمت راضخة أمام ادعاءاتهم، وسأمحو تحت الضغط معظم حروفي...
لا بأس، فهو على كل حال لم يسألني عني بل عنه معي، لم يفكر ماذا عليه أن يقدم لي، وبالطبع لا يهم ذلك...
فأنا مجرد أنثى ثلاثينية بطعنة غائرة في خاصرة قدرها تدعى "الطلاق".
سأُجتر جرًا إلى منزل جديد أترك على أعتابه عقلي وقلبي، منزل لم أسق زواياه بروح تعشق روح ساكنه، بل سآتيه بعقد إيجار شرعي مفتوح المدة.
وهناك؛ في الغرفة التي جهزها ليلطخها برجولته سأقتنص منه لعثمة الدهشة وذعر الفريسة حينما أقلب الأدوار..
سأخلع عني عباءة الغزالة الأليفة وأرتدي عيون الذئب، لأسأله عن روحي الملقاة في سطور كتاباتي، سألصق حروفي كلها عنوة بعينه ليبتلع ريقه بصعوبة محدقًا بعيني، ليخبرني أنه مثقف كفاية ليعرف أن الكتابة خيال..
"لاء، أنا مبتخيلش.. أنا بكتبني وبكتب أفكاري وجنوني زي ما هم."
وسأنتشي برؤية ذيله المنتصب وهو يتحول إلى كتلة فراء ناعمة منفوشة ترتعش أمامي..
سأستمتع بتلك الورطة التي وقعنا كلنا بها، وسأسخر من الحياة بطريقتي.
#DINA_MONIR