ربيت صغيرتي كما لو أنها عصفورة...
تركت لها أجنحتها كاملة دون قص أو إزالة...
علمتها أن تطير بهما عاليًا وتحلق، تسمع وتغرد، تبكي وتصرخ وتضحك...
علمتها أن تلك السماء مسخرة لأجلها، ودائمًا هي تمتلك حق الارتفاع، وأن ما لا يُناسبها لا تكلف نفسها عناء النظر إليه بالأسفل...
سِربُها يُشبهها ببياض ريشاتها وقلبها، لكنها تتميز عن الجميع بذلك العقل الناضج حين تحادثها بجدية، تحمل مزيجًا من عنادي وحناني وقسوتي وليني أعرفه جيدًا...
أخبرتها أنها ستقابل الغربان، حتماً ستقابل تلك الغربان السوداء التي تحوم على علو منخفض وتحاول دومًا إثنائها عن التحليق بثقة،
وستعرف كيف تراوغهم جيدًا وتنجو عصفورتي..
عصفورتي تعلم أن هنا بالقرب من قلبي عشها، ذلك العش دائمًا ما تلوذ به من الرياح والسحب الممطرة بعينيها التي تمنعها عن الطيران، ومن إرهاق جناحيها الصغيرين، ومن الغربان أيضًا وقتما تشاء...
تعلم أنني لن أدع أحدهم يقترب منها، على صدري فقط تلقي ما يعيقها ويزاحم قلبها قبل عينيها.
عيناها الساحرتان اللتان تأسراني كابتسامتها وخصلات شعرها الأسود اللامع، أود لو أضمها إلى رحمي لأحميها كلما نظرت إليها، ولكنني ما عودت عصفورتي على الاختباء...
سأظل ما حييت عماد ظهرها وطيرًا جارحًا لمن يهدد أمن طيرانها وتحليقها، عسى ألا يريني الله بها سوى أيام بيضاء كقلبها، باسمة كعينيها.
٢٠١٩