الآن أحب وجهي، أعرف ملامحه، أحفظ كل ثنية وتجعيدة به لدرجة أنني أستطيع الإشارة إليها دون مرآة،
أحب كذلك شاماتي المتفرقة التي سعيت للتخلص منها قديمًا حتى سالت منها الدماء، وشفاهي التي لم أقبل بتفاصيلها خاصة حينما تتسع بضحكة تكشف شكل أسناني وتغطي عيني،
أحب عيني ولمعتها وأهدابي الطويلة الصفراء، أخبرتني إحداهن يومًا أن الحول يضرب بعيني عندما أتحدث.. صرت أسأل كل من حولي هل ذلك صحيحا! فتهكموا وضحكوا ولم يجبني أحد فظللت لسنوات لا أنظر لمتحدث، ولا أتحدث..
أحب شعري الأشقر، وأحب تلك الشعرات البيضاء التي تختبئ بداخله وتطل كلما عقصته، شعري الذي عمدت إلى قصه وصبغه لسنوات حتى نسيت طوله ولونه..
قبل الآن كنت أبغضني، بكيت كثيرًا في طفولتي لأنني لم أشبه أفراد أسرتي، لم أر وجهي حينما عصف بعقلي الاكتئاب وأزال من إدراكه تفاصيلي حتى صرت لا أعرفني.. سألني الطبيب مرارًا أن أصف ملامحي فعجزت، قدم لي المرآة فبكيت..
لماذا!
لأنني لم أر انعكاسًا جميلًا لوجهي بعين تحبني قط..
أما الآن!
أنا أراه بعيني، وأحبني