قالوا لي إنه فيلم جميل مليء بالمعاني الحلوة وخصوصا اختي، اوصتني به وكونه يعجبها فبالتأكيد به قدر لا بأس به من الفن والبساطة ايضا، حكت لي عنه بشغف نادرا ما يشوب كلامها عن فيلم لندرة الأفلام الحلوة، فكان حديثها رومانسيا ممتعا.
كثيرون وكثيرات يقعن في فخ الخلط بين الحب والإعجاب، والفارق شاسع إذ أننا لا نحب لسبب معين، فالحب لا سبب له فإذا تواجد السبب لم يكن حبا بل إعجابا بهذا السبب.
قد تقع في غرام شخص قبل أن تراه، تناديك روحه من مكان ما وتقابله مرات عديدة فلا يلفتك إلا روحه ثم تفاجىء بعد فترة انه جميل الشكل أو أن من سماته كذا وكذا وأنك لم تنتبه مطلقا لتلك الصفات الشكلية أو المادية لأنك غارق في روحه، غارق في تفاصيله الداخلية، خرائط قلبه، دهاليز نفسه، انت غارق بداخله.
والحب قد يؤدي لعكس ما يريده المحب تماما، فتجد من يحبك يميل للانعزال عنك إذا ما وجد ازدحاما حولك، يترك لك الحرية ويحاول أن يستشف هل ستكتشف غيابه وتفتقده؟ أم سينهب الآخرون وفتك، فتستسلم للتيار.
وساعتها سيكتفي بالمشاهدة عن بعد، إذ أن غاية ما يريده المحب هو أن يرى حبيبه سعيدا ويفضل أن يبتعد عن المشهد طالما لم يتم اختياره، بل إنه يتعفف إذا وجد من يحبه حائرا فيفضل الاختفاء تماما عن المشهد تاركا له فرصة الاختيار دون ضغوط،
وازيدك من الشعر بيتا، إذ لعل كبرياءه يجبره أن يرفض أن يكون مجرد اختيار ضمن الاختيارات من الأساس وليس لوجوده أولوية مطلقة.
ولكن،،، هناك نوع من الإعجاب والصداقة كثيرا ما تؤدي لحب عميق، أن تعجب بالروح، بالعقل، بالفكر،
كانت لي صديقة تصر على وضع مواصفات شكلية معينة فيمن تريد الزواج به.
وأذكر من ضمن مواصفاتها أن يكون أسمر اللون طويل القامة ورغم احترامي لذوقها الرفيع، إلا أنني كنت أندهش إذ أن المواصفات الوحيدة التي يجب أن نتمسك بها في الإنسان عموما و"الرجل" على وجه الخصوص هي خٌلُق الروح وليس الخِلقة، التوافق الروحي، والعقلي والثقافي، لأنه بعد وقت قصير بل اقصر مما تتخيل، ستقل احتياجاتك المادية وتزيد احتياجاتك العاطفية والإنسانية للونس والصحبة والحضن الآمن
ذلك أن الجاذبية في الرجل ليست في الشكل إطلاقا، فالرجل الغبي أو البخيل أو العنيد أو القاسي هو رجل قبيح حتى لو كان في جمال سيدنا يوسف "والعند على فكرة أراه نوعا من الغباء إذ أن التشبث بالرأي وتقديمه على خسارة المودة هو غباء لا حل فيه"
جاذبية الرجل في روحه وعقله وقلبه، في رجولته بالتعامل مع الآخرين، في التزامه،
حدثني صديق ذات مرة في غمار زهوه بنفسه "وكان له الحق بصراحة" قال إنه فخور بنفسه إذ هو صاحب كلمة، والكلمة من فمه عقد موثق في ضميره، ولا ضير إذ أنه شجاع يؤدي واجباته ويحرص على حقوقه، لا يخاف أحد، لا يعتنق إلا أفكاره ولا يتبع إلا قلبه، ولا يسمح لأحد أن يساومه على حياته.
الحقيقة أكبرته رغم اختلافي معه على بعض المستويات.
هناك رجل تسيرين بجانبه دون خوف، مزهوة بعقله وروحه، لا شكله ولا سيارته ولا ملابسه ولا أمواله،
هذا الرجل إذا تواجد فهو حتما جدير بالحب، وهذا ما يطلق عليه "sapiosexuality" وهي كلمة حديثة التداول للأسف،
وهي النزعة للإعجاب بالعقل، أن تجدي من يناقش معك أفكاراً عميقة أو تافهة، بلا خوف من تفسيرات خاطئة، أن تضحكا سويا أو تبكيان سويا، تثرثرا فلا يتوقف الحديث والوصال بينكما، حتى في الصمت، لا ضير غذ هو صمت المحب المتأمل المستمتع بنعمة وجود الأنس، لا صمت الملل، أن لا تخجل من نفسك ولا من دموعك أمامه، أن تعتاده اعتياد النفس الطالع من صدرك، فيكون جوعك لكلامه أو العطش لمجرد وجوده فقط مثل الماء والهواء والطعام، فيصبح جزءا أصيلا من احتياجاتك الأساسية لتحيا، إذ لا حياة بعيدا عنه
أن تدخلا في جدالٍ فيستوعبك ولا يهاجمك لمجرد الاختلاف ، ويلين لك حتى يقنعك، فينجلي لك جماله العقلي والروحي، هذا هو الحب وتلك هي فحوى فيلم الهوى سلطان.
وحقيقي الهوى سلطان.