لا ليست شهادة مجروحة، لعل من يعرفني جيدا يعرف أني حين أحاول تقييم عمل فني أو أدبي فإني لا أعرف المحاباة وليس لي عزيز ولا غالي، لذا فقد توقفت تماما عن إبداء الرأي في أي عمل أدبي أو فني إلا إذا أعجبني فأحييه أو وجدته يهدم قيما معينة فأحلله وأحاول هدمه بالتبعية، أما الأعمال الضعيفة فإني لا أذكرها من باب أميتوا الباطل بالسكوت عنه،
الحقيقة ان المتحدة قدمت هذا العام وجبة درامية دسمة متنوعة من كل الجهات فقدمت العمل الديني والتاريخي مثل رسالة الإمام وقدمت الفانتازيا "سره الباتع" والواقعية الجميلة "تحت الوصاية" والرومانسية الذكية "مذكرات زوج" والاجتماعية التاريخية "سوق الكانتو"وقدمت أيضا المسلسلات "الاستهلاكية السبكية"جعفر العمدة
طبعا مجرد أن تتصدى شركة بهذا الكم من الأعمال التي تحرك المياه الدرامية الراكدة وتنافس السوق العربية السورية واللبنانية الرائجة فهذا يحسب لها ومن المتوقع ان تنجح في شيء وتخفق في أشياء ولكن الذي حدث ولله الحمد أنها نجحت في اشياء وأخفقت في شيء واحد اسمه "جعفر العمدة"
خليني ابدأ بالنجاح لأنه مبهر وسيمكث في الأرض أما جعفر العمدة فسيذهب جفاء شاء من شاء وأبى من ابى
رسالة الإمام
مسلسل ديني خفيف مريح ورغم مهاجمة البعض "بغرض أو بدون غرض" فقد قدم المسلسل وجبة راقية للمشاهد وأما عن الأخطاء التاريخية فليس هناك عملا تاريخيا على مستوى العالم لم يضع أخطاء تاريخية، انظروا لفيلم صلاح الدين الذي امتلأ بأخطاء تاريخية ودمج الفصحى بالعامية قبل ستين عاما خاصة وأن اللغة العربية دخلت مصر متأخرة جدا فكان الوضع طبيعيا واندمجت بالعامية المصرية، خالد النبوي جميل جميل جميل صعد بالشخصية لأفاق مريحة وقدم رسالته ببساطة للمشاهد البسيط بدون "جعلصة كلمات" وأتمنى أن تستمر المتحدة في تقديم مسلسلات تاريخية ودينية على أن تستعين بأهل الذكر ممن برعوا في هذه النوعية وتستفيد من ملاحظات المحبين و"هجوم" المغرضين عليها
تحت الوصاية
أعتقد أن المتحدة قدمت مسلسلا من أمهات المسلسلات المصرية التي ستخلد في ذاكرة المشاهد، من حيث الممثلين والملابس والإضاءة والطرح الواقعي وحقيقي شيء مبهر بكل المقاييس وظني أن هذا هو مسلسل "القرن" بجانب مسلسل حديث الصباح والمساء ولن أعيش في جلباب أبي، عمل فني متكامل أثبت أن الفن الراقي يرتقي بالمجتمع وينال استحسانه وله جماهير عريضة ولا ينزل به أسفل سافلين كما يحاول البعض أن يقنعنا بأن الفن محاكاة فقط وليس رسالة سامية.
سوق الكانتو
إيه الجمال ده في الملابس والديكور والحارة المصرية الحقيقية وجدعان مصر الحقيقيين وجمال مصر الملكية، حقيقي مسلسل مريح جدا يتنفس جمالا ورقيا،
جعفر العمدة "تعالوا لي بقى"
هذا العمل السيء المحرج لعموم المصريين أضعه في مصاف أسوأ مسلسل قدمته الشاشة المصرية منذ عقود فقد وضع خلطة مسمومة تناولها معظم المشاهدين من المراهقين والشباب للأسف، رغم أنها تخاطب شريحة مجتمعية تغوص في اللاشيء،
تلك الشريحة التي تريد الثروة "من الهوا" حيث لم نعرف ما هي أعمال جعفر هذا الذي جعلته هو وزوجاته الأربع وأخوه يوزعون الملايين، طول المسلسل نفسي اعرف بيشتغل ايه سي جعفر هذا.
جعفر الذي يساهم في انهيار دولة القانون حيث يقوم الحاج جعفر بتعليق أعدائه في الشارع كأنه لا ضابط ولا رابط ولا قانون ولا بوليس ولا حكومة، هو الحكومة، ونفس فكرة "اللي بيمشي وفي يده سيف لتخويف الناس"
وكأن الحارة المصرية صارت مرتعا للمجرمين، وتمتص أحلام اللاشيء كالزواج من اربع جميلات والسهر في الكباريهات واصطناع إفيهات "المَعْلَمة" الفجة السخيفة، فارق شاسع بين المعلم عبدالغفور البرعي والمعلم جعفر،
وشيء مقرف حقيقة، "باردون يعني وسامحوني"
الاعتماد على مخاطبة الحالمين باللاشيء سوى المرأة والزواج بأربعة حتى لو انتهى المسلسل بزوجة واحدة ذرا للرماد في العيون، وكانه "قال يعني" يقدم رسالة تنصح الرجال بعدم الزواج من أربعة !
واما القصة نفسها فقد استهلكتها السينما المصرية منذ مئة عام الابن الضائع الموجود بالفعل أمام أبيه "الباشا" "الذي تم استبداله بمعلم شهير ووصم منطقة السيدة زينب بأسوأ ما يمكن وصم مكان به،"
الابن الذي لا يعرفه أبوه "بس قلبه دليله" وتطويل ومط غير مبرر،
وحقيقة فإن محمد سامي هو كبوة في تاريخ الدراما فلم يكتف بأن يجبرنا على تناول "زوجته" مي عمر ونحن نسد أنوفنا مثل عبدالسلام النابلسي وهو يقبل زينات صدقي "مع الاعتذار للعظيمة زينات صدقي"
باعتبارالست زوجته جميلة الجميلات بالعافية وقوة واقتدارا حتى دخل "كار" الكتابة و"هبدنا" مسلسل يدل الإقبال عليه على اهتراء نسبة كبيرة من "الشرائح المحتمعية العربية" التي فقدت القدرة على التمييز
هذا المسلسل لم ينجح لقوته ولا لحبكته الدرامية فقد اعتمد من الأول للآخر على هؤلاء الحالمين باللاشيء وهم كثير للأسف وقدمه لنا محمد سامي الذي يشبه "ترزي" فاشل كلما وجد "ديفوه" سارع بتغييره ليظهر في الآخر عمل ضخم ماديا فقير أخلاقيا كالمسخ، لم يصدّر لنا سوى أسوأ المضامين، أنصح المتحدة بالابتعاد عن محمد سامي والاقتراب أكثر من مريم نعوم وكاملة ابو ذكري وشاكر خضير والليث حجو وغيرهم كثير
أرجو من المتحدة التي تملك من القدرة والبأس والملكات الفنية أن تراهن على حصان رابح أخلاقيا وماديا وأن ترتفع بمحمد رمضان ولا تتركه ينزل بها، أو تتركه بعيدا لحال سبيله، لنستطيع أن نعود مرة أخرى أكبر قوة ناعمة مؤثرة مثلما كنا دوما حين كان العرب يجلسون في بيوتهم انتظارا للمسلسل "المصري" الذي يصدر أجمل صورة عن مصر الحقيقية وليست مصر التي في خيال المرضى أو مصر التي يتمناها المغرضون، الجهة التي تقدم حملة "أخلاقنا الجميلة" لا يليق بها أن تقدم حملة جعفر العمدة فهذه ازدواجية لا تليق، مينفعش يا جماعة والله، زعلانة على بناتي اللي شاهدوا 30 حلقة من "الهجص" وقعدتي جنبهم لأنتقد كل مشهد حتى لا يترسخ في ذه أيا منهن أن هذا هو الشارع المصري والحارة المصرية ولا هذا هو البطل الذي يخطف أحلام الجميلات ويشتريهن بأمواله الموبوءة :( واخيرا يا بخت من بكاني وبكى عليا ولا......