قبل أن أنتقل للإعلام المرئي كانت نداهة الصحافة والحوارات الساخنة والريبورتاجات ندهتني وكان ساعتها للصحافة رنين وصوت عال يرج جدران الدولة المترهلة التي تقف على اعتاب ثورة وتعج بالمدارس الصحفية أمثال إبراهيم عيسى والجلاد ومجدي مهنا ووائل الإبراشي وعادل حمودة وكل المجموعة التي ظهرت كمعارضة ومعارضة مضادة قبل ثورة يناير بكام سنة
والتنافس كان على أشده فلم استطع المقاومة وسقطت لويزا في احضان الصحافة المصرية والعربية من 2008 الى 2014 (على راي اخويا)????
ويشاء السميع العليم أن اقوم بإجراء عدة حوارات ساخنة وجذابة وغير "ممنهجة" للجريدة نصف المعروفة التي كنت أعمل بها والتي كانت بتوفيق من الله من الاول للآخر لدرجة ان رئيس تحرير المجلة كان ينظر لي متشككا حين آتيه بالحوار كأنه يقول بقى البت دي يوافقوا يكلموها وانا يدوخوني؟؟؟؟؟
فقمت بعمل حوارات أو ("خبطات" قياسا بتاريخي في المهنة وبلغة أهل الصحافة) مع فنانين وأدباء كبار فعلا مثل الدكتورة نوال السعداوي والأستاذة فريدة الشوباشي وجورج اسحق مؤسس حركة كفاية الذي استقبلني في مكتبه بوسط البلد بشكل احتفالي غير مسبوق وسمير صبري والمخرج الفنان المثير للجدل خالد يوسف وآثار الحكيم والهام شاهين ورئيس تحرير الجمهورية قبل الثورة الاستاذ محمد علي ابراهيم
ولكل من هؤلاء حكاية لا انساها وحديث نشرت بعضه ولم انشر بعضا اخر لشعوري بأن هناك اجزاء تم حكيها لي بصفة خاصة وليس بصفتي الصحفية،
ويبدو ان وفاة هشام المفاجأة اهاجت في اشواقي لتلك الفترة من حياتي وذكرياتي مع رموز فنية وسياسية وادبية كنت احبها وقد اختلف معها
هشام كان بالنسبة لي رمز من رموز النكد، اشوفه اسمع موسيقى تصويرية لاغنية ماجدة الرومي(ساعات اقوم الصبح قلبي حزين اطل بره الباب ياخدني الحنين اللي اشتريته انباع واللي لقيته ضاع وفات الانين)
ولما كبرت شويتين شاهدت فيلم الاراجوز فصرت معقدة من هذا الابن العاق للاراجوز الجميل الطيب،،، ولما صعب علي في دور عادل بمسلسل ليالي الحلمية قررت ان اكسر التابوه واجري معه حوارا،،
هشام سليم، كان مشروع حوار لم يكتمل او اكتمل في التليفون فقط لأنه كان مترددا في لقائي ، كما ان الكثيرين حذروني من (عجرفته وعدوانيته)
وطبعا قبلت التحدي وفي آخر المكالمة كان هو من يريد إجراء الحوار وانا التي ترددت ! ذلك اني لم اجد شخصا عدوانيا ولا متعجرفا، وجدت روحا حائرة بكل معنى الكلمة، و
الحقيقة في بداية المكالمة كان رجلا عصبيا وخلقه ضيق (ولكن بمنتهى الذوق) ، كنت في بداياتي و أستطيع أن أمتص غضب من يحدثني وأحوله لشخص هادىء مطمئن، يحكي ويعترف دون شعور بوجود حكم مسبق،
و لأني توقعت ان من يعيش تحت الاضواء ثم يشعر انها تكاد تنحسر، يكون حزينا متشككا تجاه اي صحفي، هل سيكون مادة لمصمصة الشفاه أم لمضغ قصة حياته الشخصية،
ولم أكن اريد لا هذا ولا ذاك، كنت ابحث عن هشام الإنسان وسط كومة مشاكل واحباطات، فوجدته ممرورا، رغم ان حياته الشخصية ساعتها لم تكن على مرمى نيران الناس واحكامهم الجائرة زي اليومين دول، في نهاية مكالمتي سألني "دينا، متى تريدين إجراء الحوار
ترددت قليلا ثم قلت له "دعني ارجع لرئيس التحرير لأنه هو من يحدد متى لانه لا بد من تكليف مصور ليكون معي "لم يكن هناك غير موبايلات على اد حالها"
لما كلمت هشام كان كلي شوق للاستماع وللحكي عن "والده" - فتى أحلامي في فترة المراهقة والشباب - وهو خمن اني اريد ان اسأله عن موضوع شخصي كان ساعتها مثارا للصحافة الصفراء، " للأسف الآن كل الصحافة صفراء" !
لكني قلت له اني لا اريد ان اتكلم الا في الفن والكرة أو الفن وصالح سليم
لشدة عصبيته في بداية المكالمة كنت اتأمل كلماته وهي تخرج نارية سريعة دونما سبب ولكن سرعان ما شعر غالبا بالإشفاق علي لأنه نالني ما لا استحق من شرر (مهذب) الحقيقة ولكني لست مسؤولة عنه ولأن صوتي بالفعل طفولي جدا،
فيبدو اني صعبت عليه ! لانه ظل في البداية هو من يستجوبني وانا صامدة لا اغير اقوالي???? واضحك لاسئلته ولا اضيق بها
وفي آخر المكالمة كان شغوفا بالحكي وحين ترددت ان اسأله تلطفا لحاله كشخص جريح قلبه لسبب ما، اذ ليس من الشرف في شيء ان انكأ جراحه اكثر باسئلتي، فلم اسأل، لكنه انطلق يتحدث بنفسه عن كل شيء ولم استطع أن أوقفه بل تحولت لأذن وقلب يستمعان لإنسان يريد الفضفضة ليس اكثر، رجل ذو شجون لا يريد سوى الفضفضة، لا يريد عمل حوار ولا يحزنون
كل ما أستطيع قوله أنه كان ممرورا لتجاهل قدراته سينمائيا وضعف ما يعرض عليه وندرته واختيار آخرين اقل منه موهبة، بفعل "الشللية" التي لا يجيدها،
ممرورا من أسامي بعينها ومن التدخل في حياته الشخصية، ممرورا لأشياء أخرى تخص النادي الأهلي ورؤسائه وفي نهاية الحوار سألني
ها؟؟؟ هل سنلتقي لتسجيل الحوار؟، قلت بالنسبة لهذا الحوار استاذ هشام فهو ليس للنشر انه حوار بيني وبينك، بين إنسان وإنسان، وما دار فيه سيظل طي الكتمان حتى يتوفاني الله ولكن سأتصل بك لحديث آخر بعيدا عن كل ما تناولناه في حديثنا هذا.. ولغبائي..
.لم أتصل، ربما لم اشأ ان اعرف اكثر مما عرفت وربما كانت نفسه اكثر هشاشة ورقة من ان انقب بداخلها واعريها لأسلي القارىء!
الله يرفع درجاتك يا استاذ هشام ويتولاك برحمته وغفرانه يا محترم يا راقي انت، نتقابل على خير ونكمل حديثنا في الجنة ونعيمها على ارائك متقابلين بإذن الله وحوله وقوته
دينا عاصم